٢- وفي هذه الآيات أيضا فن التسهيم وهو أن يكون ما تقدم من الكلام دليلا على ما يتأخر منه أو بالعكس، فقوله « أ فرأيتم ما تحرثون » إلى قوله « أ فرأيتم النار التي تورون » تقتضي أوائل هذه الآيات أن أواخرها اقتضاء لفظيا ومعنويا كما ائتلفت الألفاظ فيها بمعانيها المجاورة الملائم بالملائم والمناسب بالمناسب لأن ذكر الحرث يلائم ذكر الزرع والاعتداد بكونه سبحانه لم يجعله حطاما ملائم لحصول التفكّه به وعلى هذه الآية يقاس نظم أختها.
[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٧٥ الى ٨٧]
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢) فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤)
وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٨٧)
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٤٤٦
اللغة :
(بِمَواقِعِ النُّجُومِ) بمساقطها ومغاربها وقيل بمنازلها وقيل بانكدارها وانتثارها وسيأتي مزيد تفسير لها في باب الإعراب.
(مُدْهِنُونَ) قال الراغب :« و الإدهان في الأصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة وترك الجدّ » وقال المؤرج : المدهن المنافق أو الكافر الذي يلين جانبه ليخفي كفره، والإدهان والمداهنة التكذيب والنفاق وأصله اللين وأن يضمر خلاف ما يظهر.
الإعراب :
(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) الفاء استئنافية ولا زائدة والمعنى فاقسم ولا تزاد في القسم فيقال لا واللّه ولا أفعل قال امرؤ القيس :


الصفحة التالية
Icon