حمل أقلعا على معنى كلا وحمل رابيا على لفظه وقال اللّه عزّ وجلّ :« كلتا الجنتين قد آتت أكلها » حملا على لفظ كلتا وخلفها وأمامها خبر مبتدأ محذوف تقديره هو خلفها وأمامها ويجوز أن يكون بدلا من كلا الفرجين وتقديره فغدت كلا الفرجين خلفها وأمامها تحسب أنه مولى المخافة وحقيقة مولاكم محراكم ومقمنكم يقال هو حري أن يفعل كذا وهو قمين أن يفعله أي جدير بذلك وحقيق به أي مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم كما قيل هو مئنة للكرم أي مكان لقول القائل : أنه لكريم فيكون اسم مكان لا كغيره من أسماء الأمكنة فإنها
إعراب القرآن وبيانه، ج ٩، ص : ٤٦٥
مكان للحدث بقطع النظر عمّن صدر عنه وهذا مثل للمفضل على غيره الذي هو صفته فهو ملاحظ فيه معنى أولى لأنه مشتق منه كما أن المئنة مأخوذة من إن وليست مشتقة منها ويجوز أن يراد هو ناصركم أي لا ناصر لكم إلا النار وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم والمصير فاعل والمخصوص بالذم محذوف أي النار.
البلاغة :
١- في قوله « من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا » استعارة تصريحية تبعية، فقد شبّه الإنفاق في سبيل اللّه بإقراضه ثم حذف المشبّه وأبقى المشبه به، والجامع بينهما إعطاء شي ء بعوض ومعنى كونه حسنا أي خالصا من شوائب الرياء. أما القرض الذي يدفع إلى الإنسان من المال بشرط ردّ بدله فهو سنّة مؤكدة وقد يجب للمضطر ويحرم على من يستعين به على معصية.
٢- وفي قوله « يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم » استعارة تصريحية أصلية » فالنور استعارة عن الهدى والرضوان الذي هم فيه فحذف المشبّه وأبقى المشبّه به.
٣- وفي قوله « خالدين فيها » بعد قوله « بشراكم اليوم » التفات من الخطاب إلى الغيبة، وقد تقدم القول في الالتفات كثيرا.


الصفحة التالية
Icon