حرف عطف للترتيب وينبئهم فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على اللّه وبما في موضع المفعول الثاني وجملة عملوا لا محل لها ويوم القيامة متعلق بينبئهم وإن واسمها وخبرها.
البلاغة :
في قوله تعالى « ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم » فن الانفصال وقد تقدمت الإشارة إليه ونعيده هنا لإتمام الفائدة فنقول : هو فنّ فحواه أن يقول المتكلم كلاما يتوجه عليه فيه دخل فلا يقتصر عليه حتى يأتي بما ينفصل به عن ذلك إما ظاهرا أو باطنا يظهره التأويل، فإن هذه الآية الكريمة يتوجه على ظاهرها عدد من الأسئلة منها :
١- لم ألغي فيها الابتداء بالإثنين وهي أول رتبة بين المتناجيين؟
٢- لم انتقل من الثلاثة إلى الخمسة وعدل عن الترتيب في الانتقال من الثلاثة إلى الأربعة؟
٣- لم لم يتجاوز الخمسة كما تجاوز الثلاثة؟
٤- لم لم يقل من نجوى ثلاثة ويقف عند ذلك ويستغني بقوله بعدها « و لا أدنى من ذلك ولا أكثر » فيتناول الأدنى من الاثنين والأكثر من الأربعة إلى ما لا نهاية له من الأعداد؟
٥- لم عدل عن الأوجز إلى الأطول مع توفية الأوجز بالمعنى المراد؟ وقبل أن نبيّن الانفصال عن ذلك لا بدّ من ذكر لمحة تاريخية ينجلي بها الرين وقد اختلف في سبب نزولها فقيل :
اجتمع المشركون جماعات على هذين العددين ثلاثة ثلاثة
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ١٣
و خمسة خمسة يتناجون في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وهم يظنّون أن ذلك يخفى عنه فنزلت ليعلم اللّه نبيّه بحالهم.
و قيل : إنه اجتمع ثلاثة نفر من قريش وهم ربيعة وحبيب ابنا عمرو وصفوان بن أمية يوما كانوا يتحدثون فقال أحدهم : أترى اللّه يعلم ما نقول؟ فقال الآخر : يعلم بعضا ولا يعلم بعضا وقال الثالث : إن كان يعلم بعضا فهو يعلم الكل فنزلت، وقد صحّح أهل التفسير هذه الرواية الثانية.


الصفحة التالية
Icon