للإعراب في قوله « للفقراء » أثر كبير في توجيه المعتقد، فمذهب أبي حنيفة رحمه اللّه أن استحقاق ذوي القربى لسهمهم من الفي ء موقوف على الفقراء حتى لا يستحقه أغنياؤهم، وقد أغلظ الشافعي رحمه اللّه، فيما نقله عنه إمام الحرمين، الردّ على هذا المذهب بأن اللّه
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٤٧
تعالى علّق الاستحقاق بالقرابة ولم يشترط الحاجة، وعدم اعتبار القرابة مضادّة محادّة، واعتذر إمام الحرمين لأبي حنيفة بأن الصدقات لما حرّمت عليهم كان فائدة ذكرهم في خمس الفي ء والغنيمة أنه لا يمنع صرف ذلك إليهم امتناع صرف الصدقات، ثم أتبع هذا العذر بأن قال :
لا ينبغي أن يعبّر به فإن صيغة الآية ناصّة على الاستحقاق لهم تشريفا لهم وتنبيها على عظم أقدارهم، فمن حمل ذلك على جواز الصرف إليهم مع معارضة هذا الجواز بجواز حرمانهم فقد عطّل فحوى الآية، ثم استعظم الإمام وقع ذلك عليهم لأنهم يذهبون إلى اشتراط الإيمان في رقبة الظهار زيادة على النصّ فيأتون في إثبات ذلك بالقياس لأنه يستنتج وليس من شأنه الثبوت بالقياس، قال فكذلك يلزمهم أن يعتقدوا أن اشتراط الفقر في القرابة واشتراط الحاجة لقرب ما ذكروه بغرض القرب، فأما وأن أصلهم المخصوصون من نسب الرسول عليه الصلاة والسلام والنابتون من شجرته كالعجمة فلا يبقى مع هذا لمذهبهم وجه.