قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) كلام مستأنف مسوق لضرب المثال الجدير بالاحتذاء في النهي عن موالاة الكفّار والركون إلى الأعداء وأن الصدور المطوية على الضغن يجب أن تبقى على عدائها حتى يزول السبب القائم فإذا زال انقلبت العداوة مودّة والبغضاء محبة. وقد حرف تحقيق وكانت فعل ماض ناقص ولكم خبرها المقدّم وأسوة اسمها المؤخر وحسنة نعت لأسوة، وفي إبراهيم :
لك أن تعلقه بمحذوف صفة ثانية لأسوة أو حال منها لأنها وصفت، وعبارة أبي البقاء « فيه أوجه : أحدها هو نعت آخر لأسوة والثاني هو متعلق بحسنة تعلق الظرف بالعامل والثالث أن يكون حالا من الضمير في حسنة والرابع أن يكون خبرا لكان ولكم تبيين ولا يجوز أن يتعلق بأسوة لأنها قد وصفت » وقد ردّ على أبي البقاء عدد من المعربين الوجه الأخير لأن الظروف يغتفر فيها ما لا يغتفر بغيرها، والذين عطف على إبراهيم ومعه ظرف مكان متعلق بمحذوف هو الصلة للذين (إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) إذ ظرف لما مضى من الزمن أي حين قالوا وهو بدل اشتمال من إبراهيم والذين معه وهذا أولى الأعاريب المتكلفة التي ذكرها أبو البقاء وغيره، وجملة قالوا في محل
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٦٣


الصفحة التالية
Icon