في قوله : كأنهم خشب مسنّدة تشبيه مرسل تمثيلي فالمشبه هم أي رؤساء المنافقين من المدينة وكانوا يحضرون مجلس النبي صلّى اللّه
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ١٠٠
عليه وسلم ويستندون فيه إلى الجدر وكان النبي ومن حضر يتعجبون من هياكلهم المنصوبة، والمشبه به هو الخشب المنصوبة المسندة إلى الحائط، ووجه الشبه كون الجانبين أشباحا خالية عن العلم والنظر على حدّ قول حسان :
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم جسم البغال وأحلام العصافير
و في قوله :« يحسبون كل صيحة عليهم » تشبيه تمثيلي أيضا أي أنهم لجبنهم وهلع نفوسهم واضطراب قلوبهم إذا نادى مناد في المعسكر أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة وجفت قلوبهم، وزايلهم رشدهم وحسبوا أن هناك شرّا يتربص بهم وكيدا ينتظر الإيقاع بأرواحهم، وقد رمق الأخطل سماء هذا المعنى فقال :
ما زلت تحسب كلّ شي ء بعدهم خيلا تكرّ عليهم ورجالا
يقول الأخطل : لا زلت يا جرير تظن كل شي ء بعد خذلان قومك خيلا تكرّ أي ترجع بسرعة عليهم لكثرة ما يساورك من الخوف، وغلا المتنبي في هذا المعنى فقال :
و ضاقت الأرض حتى صار هاربهم إذا رأى غير شي ء ظنه رجلا
و يمكن أن يقال أن وجه الشبه هو عزوب أحلامهم وفراغ قلوبهم من الإيمان ولم يكتف بالتشبيه بالخشب بل جعلها مسندة إلى الحائط للانتفاع بها لأنها إذا كانت في سقف أو مكان ينتفع بها.
[سورة المنافقون (٦٣) : الآيات ٧ الى ١١]


الصفحة التالية
Icon