حرّمه اللّه عزّ وجلّ وكلاهما محظور لا يصدر من المتّسمين بسمة الإيمان وإن صدر سلب المؤمن حكم الإيمان واسمه، الثاني الامتناع مما أحلّه اللّه عزّ وجلّ وحمل التحريم بمجرده صحيح لقوله وحرّمنا عليه المراضع من قبل أي منعنا لا غير وقد يكون مؤكدا باليمين مع اعتقاد حلّه وهذا مباح صرف، وعلى القسم الثاني تحمل الآية والتفسير الصحيح يعضده فإن النبي صلّى اللّه عليه وسلم حلف باللّه لا أقرب مارية ولما نزلت الآية كفّر عن يمينه ويدلّ عليه : قد فرض اللّه لكم تحلّة أيمانكم وهذا المقدار مباح ليس في ارتكابه جناح وإنما قيل له لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك رفقا به وشفقة عليه وتنويها لقدره ولمنصبه صلّى اللّه عليه وسلم أن يراعي مرضاة أزواجه بما يشقّ عليه جريا على ما ألف من لطف اللّه تعالى بنبيّه ورفعه عن أن يخرج بسبب أحد من البشر الذين هم أتباعه ومن أجله خلقوا ليظهر اللّه كمال نبوّته بظهور نقصانهم عنه، والزمخشري لم يحمل التحريم على هذا الوجه لأنه جعله زله فيحمل على المحمل الأول ومعاذ اللّه وحاش للّه وأن آحاد المؤمنين حاش أن يعتقد تحريم ما أحلّ اللّه فكيف لا يربأ بمنصب النبي عمّا يرتفع عنه منصب عامّة الأمة وما هذه من الزمخشري إلا جراءة على اللّه ورسوله وإطلاق القول من غير تحرير وإبراز الرأي الفاسد بلا تخمير ».
[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ٦ الى ٨]