٢- وفي قوله :« تكاد تميز من الغيظ » استعارة مكنية تبعية، شبّه جهنم بالمغتاظة عليهم لشدة غليانها بهم وحذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه لأن المغتاظة تتميز وتتقصف غضبا ويكاد ينفصل بعضها عن بعض لشدة اضطرابها ويقولون فلان يتميز غيظا إذا وصفوه بالإفراط في الغضب. وفي هذه الآية أيضا فن حسن الاتباع فقد جرى الشعراء على نهجها فولعوا بإسناد أفعال من يعقل إلى ما لا يعقل وقد أوردنا له أمثلة في الكهف وفي الفرقان فجدّد بها عهدا.
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ١٢ الى ١٧]
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦)
أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)
اللغة :
(ذَلُولًا) فعوّل بمعنى مفعول أي مذللة مسخرة منقادة لما تريدون منها.
(مَناكِبِها) المناكب جمع منكب وهو مجتمع رأس الكتف والعضد يقال : تشابهت منهم المناكب والرءوس أي ليس فيهم مفضل، ويقال :
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ١٥٢