إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ١٥٩
البلاغة :
١- في قوله « أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافّات ويقبضن » عطف الفعل على الاسم والسياق يقتضي أن يقول قابضات وذلك لسرّ لطيف، فإن أصل الطيران هو رصف الأجنحة لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء والأصل في السباحة مدّ الأطراف وبسطها وأما القبض فطارى ء على البسط للاستظهار به على التحرّك فجي ء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل على معنى أنهنّ صافّات ويكون منهنّ القبض تارة بعد تارة كما يكون من السابح، وخلاصة القول أن الغالب هو البسط فكأنه هو الثابت فعبّر عنه بالاسم والقبض متجدّد فعبّر عنه بالفعل.
٢- وفي قوله « أ فمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى أم من يمشي سويّا على صراط مستقيم » استعارة تمثيلية وهو مثل للمؤمن والكافر، فالكافر أعمى لا يهتدي إلى الطريق بل يمشي متعسفا فلا يزال يتعثر وينكب على وجهه والمؤمن صحيح البصر يمشي في طريق واضحة مستقيمة سالما من العثور والخرور على وجهه. وهكذا تتجلى طريقة القرآن في التجسيد.
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ٢٣ الى ٣٠]
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧)


الصفحة التالية
Icon