و تعقب أبو حيان الزمخشري فيما ذهب إليه فقال :« و ما ذهب إليه الزمخشري من أن بنعمة ربك متعلق بمجنون وأنه في موضع الحال يحتاج إلى تأمل وذلك أنه إذا تسلط النفي على محكوم به وذلك له معمول ففي ذلك طريقان أحدهما أن النفي يتسلط على ذلك المعمول فقط والآخر أن يتسلط النفي على المحكوم به فينتفي معموله لانتفائه بيان ذلك تقول ما زيد قائم مسرعا فيتبادر إلى الذهن أنه منتف إسراعه دون قيامه فيكون قد قام غير مسرع والوجه الآخر أنه انتفى قيامه فانتفى إسراعه أي لا قيام فلا إسراع وهذا الذي قررناه لا يتأتّى معه قول الزمخشري بوجه بل يؤدي إلى ما لا يجوز أن ينطق به في حق المعصوم صلّى اللّه عليه وسلم.
٢- ذكر صاحب المغني أن الباء في « بأيّكم المفتون » زائدة، قال في مواضع الباء الزائدة :« الثالث المبتدأ وذلك في قولهم بحسبك درهم وخرجت فإذا بزيد وكيف بك إذا كان كذا وكذا ومنه عند سيبويه : بأيّكم المفتون وقال أبو الحسن بأيّكم متعلق باستقرار محذوف يخبر به عن المفتون ثم اختلف فقيل المفتون مصدر بمعنى الفتنة وقيل الباء ظرفية أي في أي طائفة منكم المفتون ».
هذا وقد قال أبو حيان :« لا ينبغي حمله عليه لقلته » فالمعروف أن الباء لا تزاد في المبتدأ إلا إذا كان لفظ « حسب » قياسا، وقال ابن يعيش :« أما زيادتها في المبتدأ ففي موضع واحد وهو بحسبك » وذكر الكافيجي :« إن زيادتها في بحسبك زيادة في الخبر وجعل درهم مبتدأ مؤخرا وبحسبك هو الخبر لأنه هو محطّ الفائدة والمعنى درهم واحد
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ١٦٨
كافيك » قال تلميذه السيوطي :« و هو من الحسن بمكان ولا أعلم في اختياراته في العربية أحسن منه » والمسوغ حينئذ هو تقدم الخبر وهو جار ومجرور.
[سورة القلم (٦٨) : الآيات ٨ الى ١٦]