قال الواحديّ وهو من كبار المشتغلين بالمسائل الإعرابية :« و هذه الآية من مشكلات القرآن وأصعبه إعرابا وتفسيرا، ولقد تدبّرت أقوال أهل التفسير والمعاني في هذه الآية فلم أجد قولا يطّرد في الآية من أولها إلى آخرها مع بيان المعنى وصحة النّظم ».
ما يقوله الشهاب الحلبي :
و قال الشهاب الحلبي المعروف بالسّمين :« أعلم أنه قد اختلف الناس والمفسرون والمعربون في هذه الآية على أوجه » وذكر السمين الأوجه التسعة، ولما كان كتابنا يتوخى الأسهل والأقرب إلى المنطق والأبعد عن التكلف اكتفينا في باب الإعراب بما أوردناه فيه ورأينا أنه الأقرب إلى ما توخيناه وقد اختاره الزمخشري في كشافه، ولكننا نرى من المفيد أن نثبت ما قاله أبو حيان، ثم نعقب عليه بما قاله ابن هشام.
ما يقوله ابو حيان :
قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط بعد كلام طويل :
« يحتمل القول وجوها :
١- أن يكون المعنى : ولا تصدقوا تصديقا صحيحا وتؤمنوا إلا لمن جاء بمثل دينكم مخافة أن يؤتى أحد من النبوة والكرامة مثل ما أوتيتم ومخافة أن يحاجوكم بتصديقكم إياهم عند ربهم إذا لم يستمروا
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٥٣٧
عليه، وهذا القول على هذا المعنى ثمرة الحسد والكفر مع المعرفة بصحة نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم.
٢- أن يكون التقدير أن لا يؤتى فحذفت لا لدلالة الكلام، ويكون ذلك منتفيا داخلا في حيز إلا، لا مقدرا دخوله قبلها والمعنى :
و لا تؤمنوا لأحد بشي ء إلا لمن تبع دينكم بانتفاء أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وانتفاء أن يحاجوكم عند ربكم أي إلا بانتفاء كذا.


الصفحة التالية
Icon