١- الاستفهام الإنكاري التقريعي : تقدم في الإعراب أن الاستفهامات التي وردت في هذه الآيات سبعة وقد خرجت عن معناها الأصلي إلى الإنكار والتوبيخ والتقريع على ما أرجفوا به من زعمهم أن اللّه فضّلنا عليكم في الدنيا فلا بدّ من أن يفضّلنا عليكم في الآخرة أو على الأقل إن لم يحصل التفضيل فلا أقل من المساواة ففند اللّه مزاعمهم الفائلة مقرّعا وموبّخا وجاءت متعاقبة : أولها أفنجعل، والثاني ما لكم، والثالث كيف تحكمون، والرابع أم لكم كتاب، والخامس أم
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ١٨٢
لكم أيمان، والسادس أيّهم بذلك زعيم، والسابع أم لهم شركاء، وقد انتظمت في سلك من الفصاحة والبيان يعنو له كل بيان.
٢- وفي قوله « يوم يكشف عن ساق » استعارة تمثيلية، وأصل هذا الكلام يقال لمن شمّر عن ساقه عند العمل الشاق لأن من وقع في شي ء يحتاج إلى الجدّ يشمّر عن ساقه فاستعير الساق والكشف عنها لشدّة الأمر، وعبارة الزمخشري :« الكشف عن الساق والإبداء عن الخدام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهنّ في الهرب وإبداء خدامهنّ عند ذلك ».
و قول الزمخشري : والإبداء عن الخدام جمع خدمة وهي الخلخال وذلك كرقاب جمع رقبة قال حاتم :
أخو الحرب إن غصّت به الحرب عضّها وإن شمّرت عن ساقها الحرب شمّرا
و قال ابن الرقيات :
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي عن خدام العقيلة العذراء
و التشمير عن الساق كناية عن اشتداد الأمر وصعوبته وأصله أن يسند للإنسان لأن تشمير الثوب عن الساق لخوض لجة أو جري أو نحوه فأسند للحرب لتشبيهها بالإنسان على طريق الاستعارة، أما البيت الثاني فقبله :
كيف نومي على الفراش ولما تشمل الشام غارة شعواء
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي عن خدام العقيلة العذراء