المعترضة بالحالية ويميزها منها أمور : أحدها أنها تكون غير خبرية كالأمرية في « و لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل : إن الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحد مثلما أوتيتم »، كذا مثل ابن مالك وغيره بناء على أن « أن يؤتى أحد » متعلق بتؤمنوا وأنّ المعنى : ولا تظهروا تصديقكم بأن أحدا يؤتى من كتب اللّه مثل ما أوتيتم وبأن ذلك الأحد يحاجونكم عند اللّه تعالى يوم القيامة بالحق فيغلبونكم إلا لأهل دينكم لأن ذلك لا يغير اعتقادهم بخلاف المسلمين فإن ذلك يزيدهم ثباتا، وبخلاف المشركين فإن ذلك يدعوهم إلى الإسلام. ومعنى الاعتراض حينئذ أن الهدى بيد اللّه، فإذا قدره لأحد لم يضره مكرهم. والآية محتملة لغير ذلك، وهي أن يكون الكلام قد تم عند الاستثناء، والمراد : لا تظهروا والإيمان الكاذب الذي توقعونه وجه النهار وتنقضونه آخره إلا لمن كان منكم كعبد اللّه بن سلام ثم أسلم، وذلك لأن إسلامهم كان أغيظ لهم ورجوهم إلى الكفر كان عندهم أقرب، وعلى هذا ف « أن يؤتى » من كلام اللّه تعالى، وهو متعلق بمحذوف مؤخر، أي : الكراهية أن يؤتى أحد دبرتم هذا الكيد.
و هذا الوجه أرجح لوجهين : أحدهما أنه الموافق لقراءة ابن كثير :
أ أن يؤتى بهمزتين، أي : الكراهية أن يؤتى قلتم ذلك، والثاني أن في الوجه الأول عمل ما قبل إلا فيما بعدها، مع أنه ليس من المسائل الثلاث المذكورة آنفا، والثاني مما يميزها الدّعائية كقول عوف بن محلم :
إن الثمانين، وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
و كالتنزيهية في قوله تعالى :« و يجعلون للّه البنات، سبحانه، ولهم ما يشتهون » وكالاستفهامية في قوله تعالى :« فاستغفروا لذنوبهم،
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٥٣٩
و من يغفر الذنوب إلا اللّه ولم يصروا »
إلى آخر هذا البحث الممتنع الذي عكره الأسلوب الجاف.
ما يقوله الزمخشري :


الصفحة التالية
Icon