ذا ضمار وكان رجلا فصيحا يجيد سجع الكهّان وقد ضاع كلامه ولم يصلنا منه شي ء، وأما وحي طلحة فقد كان ينزل به عليه- فيما يزعم- ملك سمّاه ذا النون ثم عدل عن ذي النون وقال لا بل هو جبريل ولم يعرف شي ء عن قرآنه المزعوم وأما سجاح فقد ادّعت قرآنا إلا أن وحيها صمت حين لقيت مسيلمة وتزوجته ذلك الزواج الماجن المضحك، الذي تذكر مخازيه كتب الأدب والتاريخ، وذكر ابن قيّم الجوزيّة والباقلّاني أن عبد اللّه بن المقفع عند ما انتهى الى قوله تعالى :« حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور » الى قوله :« و قيل بعدا للقوم الظالمين » عدل عن إنشاء قرآنه وقال : هذا لا يستطيع البشر أن يأتوا بمثله، وترك المعارضة وأحرق ما كان اختلقه، ويقول الباقلّاني : إن قوما أدعوا أن ابن المقفع عارض القرآن في كتابه « الدرّة اليتيمة » ولكنه لم يجد فيما أنشأ ابن المقفع في هذا الكتاب ما يصح أن يكون تقليدا للقرآن.
و كان شاعرنا العظيم أبو الطيب المتنبي قد تنبأ- فيما يقول الرواة- في بادية السماوة وأنشأ كلاما سماه قرآنا منه قوله :« و النجم السيّار، والفلك الدوّار، والليل والنهار، إن الكافرين لفي أخطار امض على سننك، واقف من كان قبلك من المرسلين، فإن اللّه قامع بك زيغ من ألحد في دينه، وضلّ عن سبيله » إلا أن المتنبي عدل عن هذه
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٦٢
المحاولة، على أننا نشك كثيرا في هذه الروايات لأن المتنبي كان أحصف من أن ينسب الى نفسه مثل هذا الهراء ولأسباب أخرى لا مجال لبحثها الآن.
و من الذين اتهموا أيضا بهذه التهمة أبو العلاء المعري في كتابه « الفصول والغايات، في محاذاة السّور والآيات » ومما ورد في هذا الكتاب « سبحانك مؤبّد الآباد، هل للمنية نسب إلى الرّقاد؟