و قال ابن هشام في الرد على أبي البقاء :« و أما أبو البقاء فإنه قال في « لما آتيتكم من كتاب وحكمة » الآية : من فتح اللام ففي « ما » وجهان أحدهما أنها موصولة مبتدأ والخبر إما من كتاب أي الذي آتيتكموه من الكتاب، أو لتؤمننّ به واللام جواب القسم لأن أخذ الميثاق قسم وجاءكم عطف على آتيتكم والأصل ثم جاءكم به فحذف عائد ما والأصل مصدق له، ثم ناب الظاهر عن المضمر، أو العائد ضمير استقر الذي تعلقت به « مع » والثاني أنها شرطية واللام موطئة وموضع ما نصب بآتيت والمفعول الثاني ضمير المخاطب و « من كتاب » مثل « من آية » في « ما ننسخ من آية » وفيه أمور :
آ- إن اجازته كون من كتاب خبرا فيه الإخبار عن الموصول قبل كمال الصلة لأن « ثم جاءكم » عطف على الصلة.
ب- إن تجويزه كون لتؤمننّ خبر مع تقديره إياه جوابا لأخذ الميثاق يقتضي أن له موضوعا وأنه لا موضع له من حيث جعله خبرا ومن حيث أنه جواب للقسم وهذا تناقض، وإنما كان حقه أن يقدره جوابا لقسم محذوف ويقدر الجملتين خبرا، وقد يقال : إنما أراد بقوله : اللام جواب القسم لأن أخذ الميثاق قسم، وأخذ الميثاق دال على جملة قسم مقدرة ومجموع الجملتين، وإنما سمى « لتؤمننّ » خبرا لأنه الدال على المقصود بالأصالة لأنه وحده هو الخبر بالحقيقة،
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٥٥٣
و إنه لا قسم مقدر بل « بل أخذ اللّه ميثاق النبيين » هو جملة القسم، وقد يقال : لو أراد هذا لم يحصر الدليل فيما ذكر للاتفاق على وجود المضارع مفتتحا بلام مفتوحة مختتما بنون مؤكدة وهو دليل قاطع على القسم وإن لم يذكر معه أخذ الميثاق أو نحوه.
ج- إن تجويزه كون العائد ضمير استقر يقتضي عود ضمير مفرد إلى شيئين معا فإنه عائد إلى الموصول.
د- إنه جوّز حذف العائد المجرور مع أن الموصول غير مجرور، فإن قيل : اكتفى بكلمة به الثانية فيكون كقوله :
لو أنّ ما عالجت لين فؤادها فقسا استلين به للان الجندل


الصفحة التالية
Icon