الإسلام رجاء أن يسلم أولئك الأشراف الذين كان يخاطبهم فيتأيّد بهم الإسلام ويسلم بإسلامهم أتباعهم فتعلو كلمة اللّه تعالى فقال : يا رسول اللّه أقرئني وعلّمني مما علّمك اللّه تعالى وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله بالقوم فكره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يكرمه ويقول إذا رآه : مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويقول له : هل لك من حاجة واستخلفه على المدينة مرتين. قال القرطبي :« و هذا كله غلط من المفسرين لأن أمية والوليد كانا بمكة وابن أم مكتوم كان بالمدينة ما حضر معهما وماتا كافرين أحدهما قبل الهجرة والآخر في بدر ولم يقصد قطّ أمية المدينة ولا حضر معه مفردا ولا مع أحد ». وقال أبو حيان :
« و الغلط من القرطبي كيف ينفي حضور ابن أم مكتوم معهما وهو وهم منه وكلهم من قريش وكان ابن أم مكتوم بها والسورة مكية كلها بالإجماع وكيف يقول : وابن أم مكتوم بالمدينة كان أولا بمكة ثم هاجر إلى المدينة وكانوا جميعا بمكة حين نزول هذه الآية ». وهناك رواية أخرى ذهب إليها بعضهم وهي أن المحدّث عنه بالعبوس ليس النبي صلّى اللّه عليه وسلم بل هو رجل من بني أمية وهو الذي عبس لما أتى ابن أم مكتوم لأن العبوس كما يقول الشريف المرتضى ليس من صفاته صلّى اللّه عليه وسلم مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين. وهذا كله يراه القارئ في المطولات فليرجع إليها إن شاء.
[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١٨ الى ٤٢]
مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢)