على الآية بعد تسلم أن المراد جبريل وبعد أن نكله في تعيينه النبي صلّى اللّه عليه وسلم وعدّه مفضولا إلى اللّه فنقول : لم يذكر فيها نعت إلا وللنبي صلّى اللّه عليه وسلم مثله أو لها رسول كريم فقد قال في حقه صلّى اللّه عليه وسلم في آخر سورة الحاقة إنه لقول رسول كريم وقد قيل أيضا أن المراد جبريل إلا أنه يأباه قوله : وما هو بقول شاعر وقد وافق الزمخشري على ذلك فيما تقدم فهذا أول الفوت وأعظمها وأما قوله ذي قوة فليس محل الخلاف إذ لا نزاع في أن لجبريل عليه السلام فضل القوة الجسمية ومن يقتلع المدائن بريشة من جناحه لا مراء في فضل قوته على قوة البشر وقد قيل هذا في تفسير قوله : ذو مرة فاستوى وقوله عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين فقد نبتت طاعة الملائكة أيضا لنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلم وورد أن جبريل عليه السلام قال للنبي : إن اللّه يقرئك السلام وقد أمر ملك الجبال يطيعك عند ما آذته قريش فسلم عليه الملك وقال : إن أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت فصبر النبي صلّى اللّه عليه وسلم واحتسب، وأعظم ذلك وأشرف مقامه المحمود في الشفاعة الكبرى يوم لا يتقدمه أحد إذ يقول اللّه تعالى له : ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع وأما أمين فقد قال واللّه إني لأمين في الأرض أمين في السماء وحسبك قوله : وما هو على الغيب بظنين إن قرأته بالظاء فمعناه أنه صلّى اللّه عليه وسلم أمين على الغيب غير متهم وإن قرأته بالضاد رجع إلى الكرم فكيف يذهب إلى التفضيل بالنعوت المشتركة بين الفاضل والمفضول سواء ».
البلاغة :
١- في قوله :« و الليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس » استعارة مكنية، فقد شبّه الليل بإنسان يقبل ويدبر ثم حذف المشبه وأخذ منه
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٤٠٠


الصفحة التالية
Icon