و قال ابن خالويه في كتابه :« إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم » :« فجعله غثاء أحوى أي جعل اللّه المرعى أحوى والأحوى شديد الخضرة يضرب إلى السواد لريّه ثم صيّره غثاء بعد ما يبس فمعناه تقديم وتأخير ». وقال ابن هشام في كتابه المغني في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها :« الرابع عشر قول بعضهم في أحوى إنه صفة لغثاء وهذا ليس بصحيح على الإطلاق بل إذا فسّر الأحوى بالأسود من الجفاف واليبس وأما إذا فسّر بالأسود من شدّة الخضرة لكثرة الريّ كما فسّر « مدهامتان » فجعله صفة لغثاء كجعل قيما صفة لعوجا وإنما الواجب أن تكون حالا من المرعى وآخر لتناسب الفواصل » ولعمري لقد حسم الخلاف فيما قرره (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ) السين حرف استقبال ونقرئك فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن والكاف مفعول به والفاء حرف عطف ولا نافية وتنسى فعل مضارع مرفوع، وعبارة أبي السعود :« سنقرئك فلا تنسى : بيان لهداية اللّه تعالى الخاصة برسوله صلّى اللّه عليه وسلم إثر بيان هداية اللّه العامة لكافة مخلوقاته وهي هدايته عليه السلام لتلقي الوحي وحفظ القرآن وهدايته للناس أجمعين، والسين إما للتأكيد وإما لأن المراد إقراء ما أوحى اللّه إليه حينئذ وما سيوحي إليه بعد ذلك فهو وعد باستمرار الوحي في ضمن الوعد بالإقراء أي سنقرئك ما نوحي إليك وفيما بعده على لسان جبريل أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة فلا تنسى أصلا من قسوة الحفظ والإتقان مع أنك أمي لا تدري ما الكتابة وما القراءة فيكون ذلك آية أخرى لك مع ما في تضاعيف ما تقرؤه من الآيات البيّنات من حيث الإعجاز ومن حيث الإخبار بالمغيّبات » والفاء عاطفة ولا نافية، أخبر اللّه تعالى نبيّه أنه لا ينسى، وتنسى فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٤٥١