٢- الخيال : تختلف الخياليات باختلاف الأسباب والعادات والعرف العام فتتفاوت بالأمم فلا يستنكر قوله تعالى في هدايتهم إلى الاستدلال على الصانع الحكيم « أفلا ينظرون إلى الأمم كيف خلقت » إلخ إلا من يجهل أن الخطاب مع العرب وما في خيالهم إلا الإبل لأن معظم انتفاعهم في مطاعمهم وملابسهم ومتاجرهم منه وإلا أرض ترعاها الإبل وإلا سماء تسقيهم وإياها وإلا جبال هي معاقلهم عند شنّ الغارات، فظهر أن من وقف على أحوال العربي البدوي يعرف وجه تقارن الصور المذكورة في أذهانهم ووجه وقوعها في القرآن العظيم على المنهج المذكور، ومن أنكره من أهل الحضر فذلك لجهله بمقتضى الحال، ولقد أحسن المتنبي إذ قال :
و كم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٤٦٥
(٨٩) سورة الفجر
مكيّة وآياتها ثلاثون
[سورة الفجر (٨٩) : الآيات ١ الى ١٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَ الْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤)
هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩)
وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤)
اللغة :
(الشَّفْعِ) الزوج من العدد يقال : أشفع هو أم وتر أي أزوج أم فرد ويجمع على أشفاع وشفاع، ومصدر شفع يشفع من باب فتح شفعا الشي ء أي صيّره شفعا أي زوجا بأن يضيف إليه مثله يقال : كان وترا فشفعه بآخر أي قرنه به، وفي القاموس :« الشفع خلاف الوتر وهو الزوج وقد
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٤٦٦


الصفحة التالية
Icon