في باب البلاغة.
(وَدَّعَكَ) قرأ العامة بتشديد الدال من التوديع وهو مبالغة في الودع لأن من ودعك مفارقا فقد بالغ في تركك، روي أن الوحي تأخر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أياما فقال المشركون : إن محمدا ودعه ربه وقلاه وقيل إن أم جميل امرأة أبي لهب قالت له :
يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت، وقرى ء بالتخفيف من قولهم ودعه أي تركه. وقد اختلف في دع بمعنى اترك هل يتصرف فيأتي منه الماضي والمصدر واسم الفاعل واسم المفعول؟ قال الجوهري : أميت ماضيه وقال غيره : ربما جاء في الضرورة وهو المشهور ولكن حيث جاء في القرآن ما ودعك وفي الحديث « لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات أو ليختمن اللّه على قلوبهم ثم ليكوننّ من الغافلين » أي تركهم، وجاء اسم المفعول وغيره في الشعر فيجوز القول بقلة الاستعمال لا بالإماتة وقال الشاعر :
ليت شعري عن خليلي ما الذي غاله في الحب حتى ودعه
(قَلى ) أبغض وفي المصباح :« قليته قليا وقلوته قلوا من بابي ضرب وقتل وهو الإنضاح في المقلى وهي مفعل بالكسر وقد يقال مقلاة بالهاء اللحم وغيره مقلى بالياء ومقلو بالواو والفاعل قلّاء بالتشديد لأنه صنعة كالعطّار والنجّار وقليت الرجل أقليه من باب رمى قلى بالكسر والقصر وقد يمدّ إذا أبغضته ومن باب تعب لغة » وفي حديث عن عائشة أن رجلا استأذن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال : إيذنوا له فبئس رجل العشيرة فلما دخل ألان له القول فقالت عائشة : يا رسول اللّه قلت له الذي قلت فلما دخل ألنت له القول؟ فقال : يا عائشة إن شرّ الناس منزلة يوم القيامة من ودعه الناس- أو تركه الناس- اتّقاء فحشه.
و قال ابن خالويه :« يقال قلاه يقلاه بفتح الماضي والمستقبل وليس في
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٥٠٨


الصفحة التالية
Icon