رسول الله ﷺ، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين والأنصار، فقال : يا معشر المسلمين! أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أكرمكم الله بالإسلام، وقطع عنكم إصر الجاهلية، وألف بين قلوبكم، ترجعون الى ما كنتم عليه كفارا؟ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح من أيديهم، وبكوا وعانق بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول اللّه سامعين مطيعين. فما كان يوم أقبح أولا وأحسن آخرا من ذلك اليوم.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٠٢ الى ١٠٣]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)
اللغة :
(وَاعْتَصِمُوا) الاعتصام : الالتجاء والتمسك، وأنا معتصم بفلان ومستعصم به ومعتصم بحبله، ونحن في عصمة الله، وكل ما عصم به الشي ء- أي : حفظ وصين- فهو عصام. وللعين والصاد- إذا كانتا فاء وعينا للكلمة- خصائص لغوية رائعة، فهما تدلان على الشدة
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ١٠
و المنعة وما هو بمعناهما من الحفظ والتأبي، فيقال : فلان لا تعصب سلماته، أي : لا يقهر، قال الكميت بن زيد :
و لا سمراتي يبتغيهن عاضد ولا سلماتي في بجيلة تعصب
و فلان معصوب الخلق : مطويه مكتنز اللحم. وكانوا إذا سودوا إنسانا عصبوه. وهذا يوم عصيب وعصبصب أي : شديد. وفلان يتعصب لقومه. وعصر معروف، ولا بد من استعمال شدة في العصر، وهذا أمر قد تعصرت الشبيبة به وبلغت الأشد عليه. والمعصرات :


الصفحة التالية
Icon