الأمم حينئذ من يشفع لها ولا يسقيها سوى محمد صلّى اللّه عليه وسلم. فالحظ ما تضمنته هاتان الآيتان على قصرهما من الإشارة التي دلّت بألفاظها القليلة على معان لو عبّر عنها بألفاظها الموضوعة لها بطريق البسط لملأت الصحائف والأجلاد.
٢- وفي قوله « فصل لربك » التفات من التكلّم إلى الغيبة، والأصل فصّل لنا ولكنه عدل عن ذلك لأن في لفظ الرب حثّا على فعل المأمور به لأن من يربيك يستحق العبادة.
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٦٠٠
(١٠٩) سورة الكافرون
مكيّة وآياتها ستّ
[سورة الكافرون (١٠٩) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤)وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)
الإعراب :
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) قال رهط من المشركين للنبي صلّى اللّه عليه وسلم : هلمّ فلتعبد ما نعبد ونعبد ما تعبد ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما بيدك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه فأنزلها اللّه عزّ وجلّ. وقل فعل أمر وفاعل مستتر تقديره أنت ويا حرف نداء للمتوسط وأي منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب وها للتنبيه والكافرون بدل من أي أو نعت لها، قال ابن خالويه :« فإن سأل سائل فقال : التنبيه يدخل قبل الاسم المبهم نحو هذا فلم دخل هاهنا بعد أي؟ فقال : لأن أيا تضاف إلى ما بعدها فلولا أن التنبيه فصل بين الكافرين وأي لذهب الوهم إلى أنه مضاف » (لا
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٦٠١
أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ)