إذا أكل الجراد حروث قوم فحرثي همّه أكل الجراد
و تسمى المرأة بينا والعرب تكنّي عن المرأة باللؤلؤة والبيضة والسّرحة والأثلة والنخلة والشاة والبقرة والنعجة والودعة والعيبة والقوارير والرّبض والفراش والريحانة والظبية والدّمية وهي الصورة والنعل والغلّ والقباء والجارة والمزخّة والقومدّة، وكنى الفرزدق عن المرأة بالجفن فجعلها جفنا لسلاحه، وكانت ماتت وهي حبلى فقال :
و جفن سلاح قد رزئت ولم أنح عليه ولم أبعث عليه البواكيا
و في جوفه من دارم ذو حفيظة لو أن المنايا أنسأته لياليا
و كنى عنها آخر بموضع السرج من الفرس فقال يخاطب امرأته :
فإما زال سرج عن معدّ فأجدر بالحوادث أن تكونا
يقول : ربما متّ فزلت عنك فانظري كيف تكونين بعدي ». وفي جيدها خبر مقدّم وحبل مبتدأ مؤخر ومن مسد نعت لحبل.
البلاغة :
في قوله « في جيدها حبل من مسد » فن التهكم وقد تقدم ذكره، فقد صوّرها تصويرا فيه منتهى الخسّة والقماءة، والمعنى في جيدها حبل من مسد : من الحبال وأنها تحمل تلك الحزمة وتربطها في جيدها تخسيسا لحالها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن جمع ماهن وهي الخادم لتمتعض من ذلك ويمتعض زوجها وهما في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدّة، وقد تعلق الشعراء بأذيال هذه
إعراب القرآن وبيانه، ج ١٠، ص : ٦١٣
السخرية فعيّر أحدهم الفضل بن العباس، ابن عتبة بن أبي لهب بحمالة الحطب فقال :
ماذا أردت إلى شتمي ومنقصتي أم ما تعير من حمّالة الحطب
غراء شادخة في المجد عزّتها كانت سليلة شيخ ثاقب الحسب


الصفحة التالية
Icon