اختلف علماء النحو والبيان في إعراب الجمل الواقعة بعد بطانة، وقد أجزنا أن تكون مستأنفات على وجه التعليل للنهي عن اتخاذهم بطانة من دون جنسكم وأبناء قومكم. وعليه جرى الزمخشري فقال :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٣٨
« الأحسن والأبلغ أن تكون مستأنفات، ويجوز أن تكون صفات متعاقبة ». وقد منع الواحدي هذا الوجه لعدم وجود حرف العطف، وزعم أنه لا يقال : لا تتخذ صاحبا يؤذيك أحب مفارقتكم. على أنه يظهر لي أن الصفة تتعدد بغير عاطف كما يتعدد الخبر نحو « الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان ».
بين ابن هشام والرازي :
تعقب ابن هشام الإمام فخر الدين الرازي بصدد هذه الآية فقال مانصه :« و حصل للإمام فخر الدين في تفسير هذه الآية سهو، فإنه سأل :
ما الحكمة في تقديم « من دونكم »
على « بطانة » ؟ وأجاب بأنّ محط النهي هو « من دونكم » لا « بطانة » فلذلك قدم الأهم وليست التلاوة كما ذكر.
و أبو حيان وهم وتبعه الصفاقسيّ والحلبيّ :
و مضى ابن هشام في تعقيبه قائلا : ونظير هذا أن أبا حيان فسر في سورة الأنبياء كلمة « زبرا » بعد قوله تعالى :« وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ » وإنما هي في سورة المؤمنون، وترك تفسيرها هناك، وتبعه على هذا السهو رجلان لخصا من تفسيره إعرابا.
قلت : أراد ابن هشام بالرجلين اللذين شاركا أبا حيان في سهوه هما الصفاقسي وشهاب الدين الحلبي المعروف بالسمين.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٣٩
[سورة آل عمران (٣) : آية ١١٩]
ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١١٩)
اللغة :
(العض) : تحامل الأسنان بعضها على بعض، وعضه بأسنانه :


الصفحة التالية
Icon