آ- في كلمة ثم الواقعة في مستهلها للدلالة على أن تراخيا من الزمن قد امتد بعد أن حل بهم ما حل في وقعة أحد في تلك الحادثة العجيبة، فبعد تصعيدهم في الجبل، وإشاحة وجوههم عن رؤية ما حدث لفرط ما نابهم من الدهشة واستولى عليهم من الفزع والهلع أتبعهم اللّه غما بعد غم أو على غم، أو بسببه حدث نزول الأمن فرنّق النعاس في الأجفان، وهوّمت الرؤوس، واسترخت المفاصل فكانوا يميدون تحت الحجف، وكانت السيوف تسقط من أيديهم.
و الحجف بفتحتين جمع حجفة اسم الترس أو الدرقة.
ب- في كلمة « أمنة » وإبدال النعاس منها إيجاز كثير يدل على أن الأمن والهدوء استوليا عليهم فور ترنيق النعاس وأخذ دبيب الكرى بمعاقد أجفانهم، وإنما ينعس من أمن وزايله الخوف، والخائف لا ينام، بل يرى أعداءه في كل مكان. وقد رمق المتنبي هذه السماء العالية فقال :
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٨٠
و ضاقت الأرض حتى كاد خائفهم إذا رأى غير شي ء ظنه رجلا
ج- في كلمة « شي ء » من قوله :« هل لنا من الأمر من شي ء » التي احتوت على ما تضيق عنه الصحف كالنصر والظهور على العدو بعد أن اشتدت وطأته وضراوته.
د- في حذف خبر « طائفة » تنزيها لهم عن نسبة من اهتموا بأنفسهم ولم تبق لهم رغبة إلا في نجاتها دون النبي صلّى اللّه عليه وسلم وأصحابه فانهم لم يناموا، أما تقدير الخبر فيمكن أن يقدر :« تعرفهم بسيماهم ».
٢- الكناية فقد كنى بالمضاجع عن المصارع حيث لاقوا حتفهم وصافحوا مناياهم.
٣- المخالفة في جواب لو، فقد جاء مرة بغير لام وجاء مرة مقترنا بها وفي هذا سر عجيب فقد قال :« لو كان لنا من الأمر من شي ء ما قتلنا هاهنا » ثم قال :« لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل » والقاعدة المعروفة هي أن جواب لو إذا كان منفيا بما فالأكثر عدم اللام وفي الإيجاب بالعكس لأن الإيجاب أحوج الى التثبيت والترسيخ وهذا من الأسرار التي تميز كتاب اللّه بها ليكون المعجزة أبد الدهر.


الصفحة التالية
Icon