و قد جرت مناقشة طريفة بين الغزالي وابن الأثير فقال الغزالي في حديثه عن أقسام المجاز : القسم الثاني عشر الزيادة في الكلام لغير فائدة كقوله تعالى :« فبما رحمة من اللّه لنت لهم » ف « ما » هنا زائدة لا معنى لها، أي فبرحمة من اللّه لنت لهم. ورد عليه ابن الأثير فقال وهذا القول لا أراه صوابا وفيه نظر من وجهين : أحدهما : أن هذا القسم ليس من المجاز، لأن المجاز هو دلالة اللفظ على غير ما وضع له في أصل اللغة، وهذا غير موجود في الآية، وانما هي دالة على الوضع اللغوي المنطوق به في أصل اللغة. والوجه الآخر : إني لو
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٩٠
سلمت أن ذلك من المجاز لأنكرت أن لفظة « ما » زائدة لا معنى لها، ولكنها وردت تضخيما لأمر النعمة التي لان بها رسول اللّه- صلى اللّه عليه وسلم لهم، وهي محض الفصاحة، ولو عري الكلام منها لم تكن له تلك الفخامة الى أن يقول :« و أما الغزالي رحمه اللّه فانه عندي معذور في أن لا يعرف ذلك لأنه ليس فنه ومن ذهب الى أن في القرآن لفظا زائدا لا معنى فإما أن يكون جاهلا بهذا القول وإما أن يكون متسمحا في دينه واعتقاده، وقول النحاة : إن « ما » في هذه الآية زائدة، إنما يعنون به أنها لا تمنع ما قبلها عن العمل، كما يسمونها في موضع آخر كافة، أي أنها تكف الحرف العامل عن عمله كقولك :
إنما زيد قائم ف « ما » قد كفت « إن » عن العمل في « زيد »، وفي الآية لم تمنع عن العمل، ألا ترى أنها لم تمنع الباء عن العمل في خفض الرحمة » ! فتأمل هذه المناقشة فانها من الحسن بمكان؟.
[سورة آل عمران (٣) : آية ١٦٠]
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)
الإعراب :