و التقدير : فلا تظني غيره مني واقعا فحذف المفعول الثاني ومنعه بعضهم وقالوا : ان المفعول به الثاني هو قوله مني تنازعه نزلت وتظنّي وفي الباب الخامس من مغني اللبيب بحث ممتع نلخصه بما يلي : جرت عادة النحويين أن يقولوا : يحذف المفعول به اختصارا واقتصارا ويريدون بالاختصار الحذف لدليل وبالاقتصار الحذف لغير دليل ويمثلونه بنحو كلوا واشربوا أي أوقعوا هذين الفعلين وقول العرب :
« من يسمع يخل » أي تكن منه خيلة والتحقيق أن يقال : انه تارة يتعلق الغرض بالاعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه أو من أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندا الى فعل كون عام فيقال : حصل حريق أو نهب وتارة يتعلق بالاعلام بمجرد إيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوى إذ المنويّ كالثابت ولا يسمى محذوفا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ومنه « ربي الذي يحيي ويميت » « و هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون » و « كلوا واشربوا ولا تسرفوا » الى آخر هذا البحث فارجع اليه.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ١٢١
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٨١ الى ١٨٢]
لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (١٨١) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٨٢)
الإعراب :