١- المجاز المرسل في قوله تعالى :« و آتوا اليتامى أموالهم » لأن اللّه سبحانه لا يأمر بإعطاء اليتامى الصغار أموالهم، فهذا غير معقول بل الواقع أن اللّه يأمر بإعطاء الأموال من بلغوا سن الرشد، بعد أن كانوا يتامى : فكلمة اليتامى هنا مجاز مرسل، لأنها استعملت في الراشدين. والعلاقة اعتبار ما كانوا عليه.
٢- الاستعارة المكنية بأكل أموال اليتامى. فقد شبه أموالهم بطعام يؤكل، ثم استعار لها ما هو من أبرز خصائص الطعام وهو الأكل، وفي هذه الاستعارة سرّان من أدق الأسرار :
آ- إن طريق البلاغة النهي عن الأدنى تنبيها على الأعلى إذا كان المنهي عنه درجات، فكان مقتضى القانون المذكور أن ينهى عن أكل مال اليتيم من هو فقبر اليه حتى يلزم نهي الغني عنه عن طريق الأولى، فلا بد من سر يوضح فائدة تخصيص الأعلى بالنهي، في هذه الآية،
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ١٥١
و ذلك ما يفهم من كلمه « الى أموالكم »، والسر في ذلك أن أكل مال اليتيم مع الغنى عنه أقبح صور الأكل فخصص بالنهي تشنيعا على من يقع فيه.
ب- والسر الثاني في تخصيص الأكل لأن العرب كانت تتذمم بالإكثار من الأكل، وتعدّ من البطنة المساوية للبهيمية، فكأن آكل مال اليتيم- في حال استغنائه عنه وكثرة المال لدية- شر من أكله وهو مملق شديد الحاجة اليه، وإن اشتركا في أكل ما هو محرم، وكانا منتظمين في قرن واحد، ومعلوم أن المنهي عنه كلما كان أوغل في القبح وأفرط في الدمامة كانت النفس بطبيعة الحال أنفر عنه.
٣- الطباق بين الخبيث وهو الحرام من المال والطيب وهو الحلال المستساغ.
[سورة النساء (٤) : الآيات ٣ الى ٤]