أحاد وسداس، ولم يسمع في الفصيح إلا مثنى وثلاث ورباع، والخلاف في خماس وسداس الى عشار. ومنها أنه صغّر ليلة على « لييلة »، وإنما تصغر على « لييلية ». ومنها أنه صغرها، والتصغير دليل القلة، فكأنها قصيرة، ثم قال :« المنوطة بالتناد » ولا شي ء يكون أطول منها حينئذ، فناقض آخر كلامه أوله. ولنا أن ندافع عن أبي الطيب في زعمهم عليه التناقض، لأن التصغير يأتي في كلامهم أحيانا للتعظيم كقول لبيد :
و كل أناس سوف تدخل بينهم دويهة تصغّر منها الأنامل
فأبو الطيب قد صغّر الليل هنا للتعظيم، لأنه استطالها حتى جعلها منوطة بالتّناد. ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم لعائشة :
يا « حميراء » ويحتمل أنها صغّرت لدقتها وخفائها. ومستعظم الأمور من مستصغر الشرر. وأما قوله : أحاد وسداس، فإنه استعمل الجزء وهو واحد وست مفردين أي أنه لم يردها « أحاد » مكررة ولا ستا
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ١٥٧
مكررة كما هو مدلول العدد المعدول، بل أراد الإفراد واستعمل فيه المعدول الدال على التكثير تجوّزا من اسم إطلاق الكل وهو أحاد وسداس في الجزء وهو واحدة واحدة وست ست. وهذا الاستعمال مجاز، والتجوّز ليس بلحن. هذا وقد ورد عشار في شعر الكميت ابن زيد وهو حجة :
فلم يستريثوك حتى رميت فوق الرجال خصالا عشارا
لما ذا منعت من الصرف؟
أما المذاهب المنقولة في علة منع الصرف فهي أربعة :
١- قول سيبويه والخليل وأبي عمرو، وهو العدل والوصف.
٢- قول الفراء وهو أنها منعت للعدل والتعريف بنية الألف واللام، ومنع ظهور الألف واللام كونها في نية الاضافة.
٣- قول الزجاج وهو أنها معدولة عن اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة، وأنه عدل عن التأنيث.