تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) جملة تجري صفة لجنات ومن تحتها جار ومجرور متعلقان بتجري والأنهار فاعل وخالدين حال وفيها جار ومجرور متعلقان بخالدين (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الواو حالية أو استئنافية وذلك مبتدأ والفوز خبر والعظيم صفة (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) تقدم اعرابها فعرج عليه.
البلاغة :
١- في هذه الآية فنّ غريب يطلق عليه اسم « جمع المختلفة والمؤتلفة ». وحدّه بأنه عبارة عن أن يريد المتكلم التسوية بين ممدوحين أو مذمومين أو اثنين أحدهما ممدوح والآخر مذموم، ثم يروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بما لا ينقص من الآخر، فيأتي لأجل ذلك الترجيح بمعان تخالف معاني التسوية، فقد جمع ضمير الخالدين في الجنة لأن كل من دخل الجنة كان خالدا فيها أبدا أو لتفاوت درجات الخالدين. أما أهل النار فبينهم الخالدون وغير
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ١٧٩
الخالدين من عصاة المؤمنين، فساغ الجمع هناك ولم يسغ هنا. لأن الخالدين في النار فرقة واحدة أما الخالدون في الجنان فهم طبقات بحسب تفاوت درجاتهم. وهذا من أسمى مراتب البيان. ومن أمثلته البديعة في الشعر قول الخنساء وقد أرادت مساواة أخيها صخر في الفضل بأبيها مع مراعاة حق الوالد، فقالت :
جارى أباه فأقبلا وهما يتعاوران ملاة الحضر
و هما وقد برزا كأنهما صقرآن قد حطا على وكر
حتى إذا نزت القلوب وقد لزت هناك العذر بالعذر
و علا هتاف الناس أيهما قال المجيب هناك : لا أدري
برقت صحيفة وجه والده ومضى على غلوائه يجري
أولى فأولى أن يساويه لو لا جلال السنّ والكبر
فقد ساوت بينهما في الجرأة وخوض غمار الحرب والإسراع في العدو والسباق في البيت الأول والحضر بضم الحاء السباق والعدو، والملاة بضم الميم : الرّيطة وهي كل ثوب رقيق.


الصفحة التالية
Icon