المطابقة لغة واصطلاحا فإنها في اللغة الموافقة. يقال : طابقت بين الشيئين إذا جعلت أحدهما على حذو الآخر. وابن الأثير يعجب لأنه لا يعرف من أين اشتقت هذه التسمية إذ لا مناسبة بين الاسم ومسمّاه، وقدامة يسميه التكافؤ، ولا فرق بين أن يكون التقابل حقيقيا أو اعتباريا أو تقابل السلب والإيجاب. ومن طباق السلب قول السوءل :
و ننكر إن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرون القول حين نقول
فقد طابق بين ننكر وهو إيجاب، وبين ولا ينكرون وهو سلب ويصبح الطباق مقابلة حين يؤتى بمعنيين أو أكثر ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب كقول البحتري :
فإذا حاربوا أذلوا عزيزا وإذا سالموا أعزّوا ذليلا
و ما زال الناس يعجبون من جمع البحتري بين ثلاث مطابقات في قوله :
و أمة كان قبح الجور يشحطها دهرا فأصبح حسن العدل يرضيها
حتى جاء أبو الطيب فزاد عليه مع عذوبة اللفظ ورشاقة الصنعة وطابق بين خمسة وخمسة :
أزورهم وسود الليل يشفع لي وأنثني وبياض الصبح يغري بي
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٨٤
فقد طابق بين الزيارة والانثناء وبين السواد والبياض وبين الليل والصبح وبين يشفع ويغري وبين لي وبي.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]
وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٣٤) وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٦)
اللغة :


الصفحة التالية
Icon