هذا تركيب شغل المعربين، وتضاربت فيه أقوال المفسرين، وقد أوردنا في باب الاعراب ما ارتأيناه وارتآه الزمخشري من قبل، وهو رأي الكوفيين. ولكن سيبويه والبصريين يرون أن مفعول يريد محذوف وتقديره يريد اللّه هذا، أي تحليل ما أحل وتحريم ما حرّم، وتشريع ما تقدم ذكره ليستقيم معنى التعليل. ولكننا نرى فيه تكلفا لا يتفق مع أسلوب القرآن السمح، وهناك قولان جديران بالتدوين :
١- قول الفراء :
أما الفرّاء فيرى أن اللام هنا هي لام كي التي تعاقب « أن » قال
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٢٠٢
العرب تعاقب بين لام كي و « أن » فتأتي باللام التي على معنى « كي » في موضع « أن » في : أردت وأمرت فتقول : أردت أن تفعل وأردت لتفعل، ومنه قوله تعالى :« يريدون ليطفئوا نور اللّه بأفواههم » « و أمرت لأعدل بينكم » « و أمرنا لنسلم لرب العالمين » ومنه قوله :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثّل لي ليلى بكل سبيل
٢- قول الزجاج :
و قد حكى الزجاج هذا القول وقال : لو كانت اللام بمعنى « أن » دخلت عليها لام أخرى كما تقول : جئت كي تكرمني، ثم تقول :
جئت لكي تكرمني، وأنشد :
أردت لكيما يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود
[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (٣٠)
الإعراب :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) كلام مستأنف مسوق للشروع في بيان بعض المحرمات المتعلقة بالأموال
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٢٠٣