إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٢٠٩
البلاغة :
١- المجاز المرسل في قوله :« عقدت أيمانكم » سواء أريد بالإيمان اليد الجارحة أو القسم. والعلاقة هي السببية.
٢- الكناية في قوله « في المضاجع » فقد كنى بذلك عن الجماع.
و قد تقدم البحث مستوفى عن الكناية. وللعرب في الكناية عن الجماع تأثّما عن ذكره أساليب عديدة، كقوله تعالى :« هن لباس لكم وأنتم لباس لهن » ومن الشعر قول امرئ القيس :
و صرنا الى الحسنى ورقّ كلامنا ورضت فذلّت صعبة أي إذلال
فرياضة المرأة وإذلالها ورقة كلامها من البهر وفرط الشهوة كناية عن ذلك غاية في الجمال والتعفف. ومن طريف الكنايات المتعلقة بالمضاجع ما يروى عن عمرو بن العاص أنه زوّج ولده عبد اللّه، فمكثت المرأة عنده ثلاث ليال لم يدن منها وإنما كان ملتفتا الى صلاته، فدخل عليها عمرو بعد ثلاث فقال : كيف ترين بعلك؟ فقالت : نعم البعل إلا أنه لم يفتش لنا كنفا ولم يقرب لنا مضجعا. من الكناية التي يعزّ نظيرها.
نموذج بين الإحسان والاساءة :
و مما أسي ء استعماله من الكناية عن الجماع قول المتنبي :
إني على شغفي بما في خمرها لأعفّ عمّا في سراويلاتها
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٢١٠
فقد أراد أن يكنّي عن النزاهة والعفة فوقع بما يعتبر شرا من الفجور، وهو قوله « عما في سراويلاتها ». وقد أخذ الشريف الرضي هذا المعنى فأبرزه في أجمل صورة، وأعفّ لفظ وأشرفه حيث قال :
أحن إلى ما تضمر الخمر والحلا وأصدف عما في ضمان المآزر
و الشريف وقع في الخطأ :
على أن الشريف الرضي لم يسلم من الخطأ أيضا فقد نظم قصيدة يعزّي بها أبا سعد علي بن محمد بن أبي خلف عن وفاة أخيه وهو :
إن لم تكن نصلا فغمد نصال غالته أحداث الزمان بغول
و في هذا من سوء الكناية مالا يخفى، فإن الوهم يسبق الى ما يقبح ذكره. والواقع أن الشريف الرضي أراد أن يرمق سماء الفرزدق في أبيات ثلاثة قالها وقد ماتت جارية له وهي حبلى وهي :