في قوله : وأنتم تتلون الكتاب فقد صدّر الكلام بالضمير زيادة في المبالغة وتسجيلا للتبكيت والتوبيخ عليهم بعد أن عبّر عن تركهم فعلهم البر بالنسيان زيادة في مبالغة الترك أي فكأن البرّ لا يخالج نفوسهم ولا يدور لهم في خلد لأن نسيان الشي ء يترتب عليه تركه أو استعمال السبب في المسبب.
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٩٦
الفوائد :
١- القاعدة في العربية أن ضمير الغائب لا يعود على غير الأقرب إلا بدليل وقد كان مقتضى الظاهر أن يعود الضمير في قوله : انها على الصلاة لأنها الأقرب جريا على مقتضى الظاهر وكف عن خبر الأول لعلم المخاطب بأن الأول داخل ضمنا فيما دخل فيه الآخر وهو مطرّد في كلامهم. قال الانصاري :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والأمر مختلف
أراد نحن راضون وأنت بما عندك راض فكف عن خبر الأول إذ قام دليل على معناه. ومنه قول الآخر :
إن شرخ الشباب والشعر الأسود ما لم يعاص كان جنونا وقيل يعود على المصدر المفهوم من قوله واستعينوا أي الاستعانة.
٢- إذا اجتمعت همزة الاستفهام وحرف العطف ففيها مذهبان :
آ- مذهب سيبويه وهو أن الهمزة في نية التأخير عن حرف العطف ولما كان لها صدر الكلام قدمت عليه وذلك بخلاف هل.
ب- مذهب الزمخشري وهو أن الواو والفاء وثم بعد الهمزة واقعة موقعها وليس في الأمر تقديم ولا تأخير ويجعل بين الهمزة وحرف العطف جملة مقدرة يصح العطف عليها وتلائم سياق الكلام فيقدر هنا : أتفعلون فلا تعقلون ولا نرى مرجحا لأحد المذهبين على الآخر.
إعراب القرآن وبيانه، ج ١، ص : ٩٧
٣- اللام المزحلقة : هي لام الابتداء زحلقت الى الخبر لدخول إن عليها وقد تزحلق الى الاسم نحو :« إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا ».
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٤٧ الى ٤٨]


الصفحة التالية
Icon