أفاض العلماء والمفسرون في ذكر المقصود من العقود، وعندنا أنها عامة شاملة لكل عهود اللّه التي عهد بها الى عباده من عبادات ومعاملات، بها انتظام أمر الدنيا والآخرة معا، وجميل قول الراغب :
« العقود باعتبار المعقود والعاقد ثلاثة أضرب : عقد بين اللّه تعالى وبين العبد، وعقد بين العبد ونفسه، وعقد بين العبد وغيره من البشر ».
و قد توسّع الفقهاء وعلماء التشريع فيها، ووضعوا المصنفات الطويلة بصددها، وتناولوا الاحكام الشرعية فيها، مما يسهل إليه الرجوع في مظانه.
جملة بليغة :
و الأساس الذي تنهض عليه العقود في الإسلام هو هذه الجملة البليغة المختصرة المفيدة، وهي « أوفوا بالعقود » وهي تفيد بقوة ورشاقة أنه يجب على كل مؤمن أن يفي بما عقده وارتبط به، وليس لأحد أن يقيّد ما أطلقه الشارع إلا بنص منه، فكل قول أو فعل يعدّه الناس عقدا فهو عقد يجب أن يوفوا به، كما أمر اللّه تعالى، ما لم يتضمن تحريم حلال أو تحليل حرام، مما ثبت في الشرع، كالعقد بالإكراه، أو على إحراق دار أحد أو شجرة بستان، أو على الفاحشة، أو على أكل شي ء من أموال الناس بالباطل، كالربا والمسير والرشوة.
العرف والتراضي :
و ينتظم في ذلك جميع الأمور الدنيوية كالبيع والإجارة والشركات
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٤٠٤
و غيرها من المعاملات الدنيوية، فالاصل فيها عرف الناس وتراضيهم ما لم يخالف حكم الشرع، وهذا في منتهى الوضوح والإحكام. هذا وقد صنّف شيخ الإسلام ابن تيمية كتابا سماه « مدارك القياس » في موضوع العقود استوفى فيه هذا الموضوع، مؤيدا بدلائل الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح، فليرجع اليه من شاء.
رواية عن الفيلسوف الكنديّ :


الصفحة التالية
Icon