و ليتم نعمته عليكم عطف عليه، ولعل واسمها، وجملة تشكرون في محل رفع خبرها، وجملة الرجاء حالية.
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٤٢١
البلاغة :
الكناية في قوله تعالى :« أو جاء أحد منكم من الغائط » فالمجي ء من الغائط- وهو المطمئن أو المنخفض من الأرض- كناية عن الحدث، جريا على عادة العرب، وهي أن الإنسان منهم إذا أراد قضاء حاجة قصد مكانا منخفضا من الأرض وقضى حاجته فيه.
الفوائد :
اشتملت آية الوضوء على فوائد هامة لا يجوز إغفالها، ونشير إليها فيما يلي :
١- استغنى ببناء القلة في قوله :« و أرجلكم » عن بناء الكثرة لأنها لم يستعمل لها بناء كثرة، وقد يستغني ببعض أبنية القلة عن بناء الكثرة وضعا واستعمالا اتكالا على القرينة. وقد وضع الشاطبيّ قاعدة جميلة نلخصها فيما يلي :« و حقيقة الوضع أن تكون العرب لم تضع أحد البناءين استغناء عنه بالآخر، والاستعمال أن تكون وضعتهما معا، ولكنها استغنت في بعض المواضع عن أحدهما بالآخر، فالأول :
كأرجل جمع رجل، وأعناق جمع عنق، وأفئدة جمع فؤاد، قال تعالى :
« و أرجلكم الى الكعبين »، « فاضربوا فوق الأعناق »، « و أفئدتهم هواء »، فاستغنى فيها ببناء القلة عن بناء الكثرة، لأنها لم يوضع لها بناء كثرة. والثاني : كأقلام.
٢- لا شك في أن من أمر غيره بأن يمسح رأسه كان ممتثلا فعل ما يصدق عليه مسح، وليس في اللغة ما يقتضي أنه لا بد في مثل
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٤٢٢
هذا الفعل من مسح جميع الرأس، وهكذا سائر الأفعال المتعدية، نحو : اضرب زيدا أو أطعنه، أو ارجمه. فإنه يوجد المعنى بوقوع الضرب أو الطعن أو الرجم على عضو من أعضائه، ولا يقول قائل من أهل اللغة أو من هو عالم بها : إنه لا يكون ضاربا إلا بإيقاع الضرب على كل جزء من أجزاء زيد، وكذلك الطعن والرجم وسائر الافعال.