كشفت ثلاث ذوائب من شعرها في ليلة فأرت ليالي أربعا
و استقبلت قمر السماء بوجهها فأرتني القمرين في وقت معا
فليس المعنى كما يظنه الناس من أنه رأى قمرين في وقت واحد القمر ووجهها، وإنما التحقيق أنها لما استقبلت قمر السماء ارتسم خياله في وجهها فرآهما في وقت واحد، كما تقابل الأشكال المرآة، فتنطبع
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٤٥٦
الصورة فيها، فترى المرآة والأشكال المنطبقة فيها في وقت واحد معا.
و قد أخطا التبريزي حين شرح البيت وقد قال : يجوز أنه أراد قمرا وقمرا، لأنه لا يجتمع قمران حقيقيان في ليلة، كما لا تجتمع الشمس والقمر. وقد تشبث أحد الشعراء بأهداب المتنبي فنظم بيتين أشبه ما يكونان بالشعوذة والألاعيب وهما :
رأت قمر السماء فذكرتني ليالي وصلها بالرقمتين
كلانا ناظر قمرا ولكن رأيت بعينها ورأت بعيني
و أحسن ما يمكن أن يقال فيهما : إن معنى قمرين : قمر حقيقي وهو قمر السماء، وقمر مجازي وهو وجه المحبوبة، فهو يقول : هي رأت القمر المجازي وهو قمر السماء، وأنا رايت وجهها وهو القمر الحقيقي، لأنها هي نظرت الى قمر السماء وهو نظر الى وجهها، فصحّ أنه رأى بعينها وهي رأت بعينه. وهذه مبالغة وإفراط في الوصف، ولكن الشعراء درجوا على أن يجعلوا المحبوب هو القمر الحقيقي، والذي في السماء هو القمر المجازي. وقال آخرون في شرحهما :


الصفحة التالية
Icon