و بينهم ظرف متعلق بمحذوف حال، وبما متعلقان ب « احكم »، وجملة أنزل اللّه صلة الموصول (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) الجملة معطوفة على « احكم »، ولا ناهية، وتتبع فعل مضارع مجزوم ب « لا »، وأهواءهم مفعول به، واحذرهم عطف أيضا، وأن يفتنوك مصدر مؤول منصوب بنزع الخافض، أي : من أن يفتنوك. ولك أن تجعل المصدر المؤول بدل اشتمال من الهاء في « و احذرهم » لأنهم اشتملوا على الفتنة، وأجازوا أن يكون المصدر مفعولا لأجله، على تقدير لام العلة، ولا النافية، وأرى فيه تكلفا، ولكن كثيرا من المعربين أعربوه كذلك (عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) الجار والمجرور متعلقان بيفتنوك، وما اسم موصول في محل جر بالإضافة، وجملة أنزل اللّه صلة، وإليك متعلقان بأنزل (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) الفاء استئنافية، وإن شرطية، وتولوا فعل ماض وفاعل، وهو في محل جزم فعل الشرط، والفاء رابطة للجواب، وجملة اعلم في محل جزم جواب الشرط، وأنما كافة ومكفوفة، وهي وما في حيزها سدت مسد مفعولي اعلم، ويريد فعل مضارع، واللّه فاعل، والمصدر المؤول مفعول يريد، وببعض متعلقان بيصيبهم
إعراب القرآن وبيانه، ج ٢، ص : ٤٩٧
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ) الواو استئنافية، وإن واسمها، ومن الناس متعلقان بمحذوف صفة لكثير، واللام المزحلقة، وفاسقون خبر « إن ».
البلاغة :
الإبهام في قوله :« ببعض ذنوبهم ». والتولّي- على عظمه وجسامته وفداحة التطاول به- واحد منها. والمراد أن لهم ذنوبا كثيرة العدد، والتولي من جملتها وواحد منها. فما أخسر صفقتهم وما أبشع ما اقترفوه. واستعمال « بعض » في الإبهام وارد كثيرا في كلامهم، ومن ذلك قول لبيد بن ربيعة في معلقته :
ترّاك أمكنة إذا لم أرضها أو يعتلق بعض النفوس حمامها