صفحة رقم ٢٥١
قال ابن عرفة : كان الشيخ ابن عبد السلام تعالى يقول في هذه الآية الكريمة : إنه لم يتقدم في الآية ( التي قبلها ) أنه قال لهم هذا لأن المتقدم إنما هو ) أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمآء ( إلى قوله ) تعلمونَ ( قال الشيخ ابن عبد السلام : ينبغي عندي أن يوقف عند قوله ) أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ ( أي ( أَلَمْ ) أَقُل لَّكُمْ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.
ثم يبتدئ :) إني أَعْلَمُ غَيْبَ السماوات والأرض ( ؟ قلت : والظاهر عندي أن الوقف عند قوله :) غَيْبَ السماوات والأرض ( لأنّ ) غَيْبَ السماوات والأرض (، لا يعلمونه هم فكأنه قال : إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ويبتدئ ) وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ( لأن هذا لا يتسلط عليه القول إذ لم يقله لهم أصلا.
قوله تعالى :( مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ( قال ابن عرفة : عادتهم يوردون هنا سؤالا مذكورا في جنس الائتلاف وهو : لِمَ جَاءَ هذا هكذا ( مع ) صلاحية الأربعة أوجه إمّا حَذْف كان من الفعلين، أو ذكرهما فيهما معا أو ذكرها مع الأول دون الثاني، أو العكس.
فلم اختص اختص بها الثاني دون الأول ؟ قال : وتقدم لنا الجواب عنه بأنه قصد بالعطف التسوية بين علم الله تعالى الظاهر والخفي كما في قوله تعالى ) مَالِ هذا الكتاب لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ( وعلم الأمر الظاهري في الحال أقرب من علم ما كان ماضيا في الباطن وجهل الأمر الماضي الخفيّ أشدّ من جهل الأمر الحالي الخفي ( فقرن ) علمه الظّاهر الّّذي في أعلى درجات ( الجلاء ) والوضوح بعلمه الأمر الخفي الباطن الذي في أنهى درجات الخفاء إشارة إلى استواء علمه فيهما، وأنه ليس بينهما عندي في ذلك تفاوت بوجه فلذلك قرنت كان ب ( تَكْتُمُونَ ) دون ( تُبْدُونَ ).
قيل لابن عرفة : ولو ( قصد ) التّسوية لبدأ ( بِمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) لأن معرفة الخفي يستلزم ( معرفة ) الجلي، فلا تكون للعطف فائدة إلا التسوية وأما الآن فالعطف تأسيس وفائدة ظاهرة.
قال ابن عرفة : جاء هذا على الأصل فلا سؤال فيه.
قوله تعالى :( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسجدوا لأَدَمَ (