أنتم - يا أمة محمد - خير الأمم وأنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف، وهو ما عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر، وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل. ولو آمن أهل الكتاب من اليهود والنصارى بمحمد ﷺ وما جاءهم به من عند الله كما آمنتم، لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة، منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد ﷺ العاملون بها، وهم قليل، وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته.
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١)
لن يضركم هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب إلا ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك والكفر وغير ذلك، فإن يقاتلوكم يُهْزَموا، ويهربوا مولِّين الأدبار، ثم لا ينصرون عليكم بأي حال.
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢)
جعل الله الهوان والصغار أمرًا لازمًا لا يفارق اليهود، فهم أذلاء محتقرون أينما وُجِدوا، إلا بعهد من الله وعهد من الناس يأمنون به على أنفسهم وأموالهم، وذلك هو عقد الذمة لهم وإلزامهم أحكام الإسلام، ورجعوا بغضب من الله مستحقين له، وضُربت عليهم الذلَّة والمسكنة، فلا ترى اليهوديَّ إلا وعليه الخوف والرعب من أهل الإيمان; ذلك الذي جعله الله عليهم بسبب كفرهم بالله، وتجاوزهم حدوده، وقَتْلهم الأنبياء ظلمًا واعتداء، وما جرَّأهم على هذا إلا ارتكابهم للمعاصي، وتجاوزهم حدود الله.


الصفحة التالية
Icon