وقيل : المرض : الفساد، وقال أهل اللغة : المرض والألم والوجع نظائر. الزيادة : فعلها يتعدى إلى اثنين من باب أعطى وكسى، وقد تستعمل لازماً نحو : زاد المال. أليم : فعيل من الألم بمعنى مفعل، كالسميع بمعنى المسمع، أو للمبالغة وأصله ألم. كان : فعل يدخل على المبتدأ والخبر بالشروط التي ذكرت في النحو، فيدل على زمان مضمون الجملة فقط، أو عليه وعلى الصيرورة، وتسمى ناقصة وتكتفي بمرفوع فتارة تكون فعلاً لازماً وتارة متعدياً، بمعنى كفل أو غزل : كنت الصبي كفلت، وكنت الصوف غزلته، وهذا من غريب اللغات، وقد تزاد ولا فاعل لها إذ ذاك خلافاً لأبي سعيد، وأحكامها مستوفاة في النحو. التكذيب : مصدر كذب، والتضعيف فيه للرمي به كقولك : شجعته وجبنته، أي رميته بالشجاعة والجبن، وهي أحد المعاني التي جاءت لها فعل وهي أربعة عشرة : الرمي، والتعدية، والتكثير، والجعل على صفة، والتسمية، والدعاء للشيء أو عليه، والقيام على الشيء، والإزالة، والتوجه، واختصار الحكاية، وموافقة تفعل وفعل، والإغناء عنهما، مثل ذلك : جبنته، وفرحته، وكثرته، وفطرته، وفسقته، وسقيته، وعقرته، ومرضته، وقذيت عينه، وشوق، وأمن، قال : آمين، وولى : موافق تولى، وقدر : موافق قدر، وحمر : تكلم بلغة حمير، وعرد في القتال. وأما الكذب فسيأتي الكلام عليه، لما ذكر من الكتاب هدى لهم، وهم المتقون الذين جمعوا أوصاف الإيمان من خلوص الإعتماد وأوصاف الإسلام من الأفعال البدنية والمالية، ولما ذكر ما آل أمرهم إليه في الدنيا من الهدى وفي الآخرة من الفلاح. ثم أعقب ذلك بمقابلهم من الكفار الذين ختم عليهم بعدم الإيمان، وختم لهم بما يؤولون إليه من العذاب في النيران. وبقي قسم ثالث أظهروا الإسلام مقالاً وأبطنوا الكفر اعتقاداً وهم المنافقون، أخذ يذكر شيئاً من أحوالهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١
ومن في قوله : ومن الناس للتبعيض، وأبعد من ذهب إلى أنها لبيان الجنس لأنه لم يتقدم شيء مبهم فيبين جنسه. والألف واللام في الناس للجنس أو للعهد، فكأنه قال : ومن الكفار السابق ذكرهم من يقول ولا يتوهم أنهم غير مختوم على قلوبهم، كما ذهب إليه الزمخشري فقال : فإن قلت كيف يجعلون بعض أولئك والمنافقين غير مختوم على قلوبهم ؟ وأجاب بأن الكفر جمع الفريقين وصيرهم جنساً واحداً، وكون المنافقين نوعاً من نوعي هذا الجنس مغايراً للنوع الآخر بزيادة زادوها على الكفر الجامع بينهما من الخديعة والاستهزاء لا يخرجهم من أن يكونوا بعضاً من الجنس، انتهى. لأن المنافقين داخلون في الأوصاف التي ذكرت للكفار من استواء الإنذار وعدمه، وكونهم لا يؤمنون، وكونهم مختوماً على قلوبهم وعلى سمعهم ومجعولاً على أبصارهم غشاوة ومخبراً عنهم أنهم لهم عذاب عظيم، فهم قد اندرجوا في عموم الذين كفروا وزادوا أنهم قد ادعوا الإيمان وأكذبهم الله في دعواهم. وسيأتي شرح ذلك.
٥٣
وسأل سائل : ما معنى :﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ﴾ ؟ ومعلوم أن الذي يقول هو من الناس، فكيف يصلح لهذا الجار والمجرور وقوعه خبراً للمبتدأ بعده ؟ فأجيب بأن هذا تفصيل معنوي لأنه تقدم ذكر المؤمنين، ثم ذكر الكافرين، ثم أعقب بذكر المنافقين، فصار نظير التفصيل اللفظي في قوله : ومن الناس من يعجبك، ومن الناس من يشري نفسه، فهو في قوة تفصيل الناس إلى مؤمن وكافر ومنافق، كما فصلوا إلى من يعجبك قوله، ومن يشري نفسه، ومن : في قوله تعالى :﴿مَن يَقُولُ﴾ نكرة موصوفة مرفوعة بالابتداء، والخبر الجار والمجرور المتقدم الذكر. ويقول : صفة، هذا اختيار أبي البقاء، وجوز الزمخشري هذا الوجه. وكأنه قال : ومن الناس ناس يقولون كذا، كقوله :﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا ﴾ قال : إن جعلت اللام للجنس يعني في قوله : ومن الناس، قال : وإن جعلها للعهد فموصولة كقوله :﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِىَّ﴾. واستضعف أبو البقاء أن تكون موصولة بمعنى الذي قال، لأن الذي يتناول قوماً بأعيانهم، والمعنى هنا على الإبهام والتقدير، ومن الناس فريق يقول : وما ذهب إليه الزمخشري من أن اللام في الناس، إن كانت للجنس كانت من نكرة موصوفة، وإن كانت للعهد كانت موصولة، أمر لا تحقيق له، كأنه أراد مناسبة الجنس للجنس والعهد للعهد، ولا يلزم ذلك، بل يجوز أن تكون اللام للجنس ومن موصولة، ويجوز أن تكون للعهد، ومن نكرة موصوفة فلا تلازم بين ما ذكره.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥١


الصفحة التالية
Icon