﴿لِلَّهِ﴾ اللام : للملك وشبهه، وللتمليك وشبهه، وللاستحقاق، وللنسب، وللتعليل، وللتبليغ، وللتعجب، وللتبيين، وللصيرورة، وللظرفية بمعنى في أو عند أو بعد، وللإنتهاء، وللإستعلاء مثل : ذلك المال لزيد، أدوم لك ما تدوم لي، ووهبت لك ديناراً، ﴿جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾، الجلباب للجارية، لزيد عم، ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾، قلت لك، ولله عيناً، من رأى، من تفوق، ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾، ﴿الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، كتب لخمس خلون، لدلوك الشمس، ﴿سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ﴾، ﴿يَخِرُّونَ لِلاذْقَانِ﴾.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٤
﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الرب : السيد، والمالك، والثابت، والمعبود، والمصلح، وزاد بعضهم بمعنى الصاحب، مستدلاً بقوله :
فدنا له رب الكلاب بكفهبيض رهاف ريشهن مقزع
وبعضهم بمعنى الخالق العالم لا مفرد له، كالأنام، واشتقاقه من العلم أو العلامة، ومدلوله كل ذي روح، قاله ابن عباس، أو الناس، قاله البجلي، أو الإنس والجن والملائكة، قاله أيضاً ابن عباس، أو الإنس والجن والملائكة والشياطين، قاله أبو عبيدة والفراء، أو الثقلان، قاله ابن عطية، أو بنو آدم، قاله أبو معاذ، أو أهل الجنة والنار، قاله الصادق، أو المرتزقون، قاله عبد الرحمن بن زيد، أو كل مصنوع، قاله الحسن وقتادة، أو الروحانيون، قاله بعضهم، ونقل عن المتقدمين أعداد مختلفة في العالمين وفي مقارها، الله أعلم بالصحيح. والجمهور قرأوا بضم دال الحمد، وأتبع ابراهيم بن أبي عبلة ميمه لام الجر لضمة الدال، كما أتبع الحسن وزيد بن علي كسرة الدال لكسرة اللام، وهي أغرب، لأن فيه إتباع حركة معرب لحركة غير إعراب، والأول بالعكس. وفي قراءة الحسن احتمال أن يكون الإتباع في مرفوع أو منصوب، ويكون الإعراب إذ ذاك على التقديرين مقدراً منع من ظهوره شغل الكلمة بحركة الإتباع، كما في المحكى والمدغم. وقرأ هارون العتكي، ورؤبة، وسفيان بن عيينة الحمد بالنصب. والحمد مصدر معرف بأل، إما للعهد، أي الحمد المعروف بينكم لله، أو لتعريف الماهية، كالدينار خير من الدرهم، أي : دينار كان فهو خير من أي درهم كان، فيستلزم إذ ذاك الأحمدة كلها، أو لتعريف الجنس، فيدل على استغراق الأحمدة كلها بالمطابقة. والأصل في الحمد لا يجمع، لأنه مصدر. وحكى ابن الأعرابي : جمعه على أحمد كأنه راعى فيه جامعه اختلاف الأنواع، قال :
وأبلج محمود الثناء خصصتهبأفضل أقوالي وأفضل أحمدي
وقراءة الرفع أمكن في المعنى، ولهذا أجمع عليها السبعة، لأنها تدل على ثبوت الحمد واستقراره لله تعالى، فيكون قد أخبر بأن الحمد مستقر لله تعالى، أي حمده وحمد غيره. ومعنى اللام في لله الاستحقاق، ومن
١٨
نصب، فلا بد من عامل تقديره أحمد الله أو حمدت الله، فيتخصص الحمد بتخصيص فاعله، وأشعر بالتجدد والحدوث، ويكون في حالة النصب من المصادر التي حذفت أفعالها، وأقيمت مقامها، وذلك في الأخبار، نحو شكراً لا كفراً. وقدر بعضهم العامل للنصب فعلاً غير مشتق من الحمد، أي أقول الحمد لله، أو الزموا الحمد لله، كما حذفوه من نحو اللهم ضبعاً وذئباً، والأول هو الصحيح لدلالة اللفظ عليه. وفي قراءة النصب، اللام للتبيين، كما قال أعني لله، ولا تكون مقوية للتعدية، فيكون لله في موضع نصب بالمصدر لامتناع عمله فيه. قالوا سقياً لزيد، ولم يقولوا سقياً زبداً، فيعملونه فيه، فدل على أنه ليس من معمول المصدر، بل صار على عامل آخر.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٤