الرعد، قال ابن عباس، ومجاهد، وشهر بن حوشب، وعكرمة : الرعد ملك يزجر السحاب بهذا الصوت، وقال بعضهم : كلما خالفت صحابة صاح بها، والرعد اسمه. وقال علي : وعطاء، وطاوس، والخليل : صوت ملك يزجر السحاب. وروي هذا أيضاً عن ابن عباس، ومجاهد. وقال مجاهد : أيضاً صوت ملك يسبح، وقيل : ريح تختنق بين السماء والأرض. وروي عن ابن عباس : أنه ريح تختنق بين السحاب فتصوت ذلك الصوت، وقيل : اصطكاك الأجرام السحابية، وهو قول أرباب الهيئة. والمعروف في اللغة : أنه اسم الصوت المسموع، وقاله علي، قال بعضهم : أكثر العلماء على أنه ملك، والمسموع صوته يسبح ويزجر السحاب، وقيل : الرعد صوت تحريك أجنحة الملائكة الموكلين بزجر السحاب. وتلخص من هذه النقول قولان : أحدهما : أن الرعد ملك، الثاني : أنه صوت. قالوا : وسمي هذا الصوت رعداً لأنه يرعد سامعه، ومنه رعدت الفرائص، أي حركت وهزت كما
٨٣
تهزه الرعدة. واتسع فيه فقيل : أرعد، أي هدد وأوعد لأنه ينشأ عن الإبعاد. والتهدد : ارتعاد الموعد والمهدد.
البرق : مخراف حديد بيد الملك يسوق به السحاب، قاله علي، أو أثر ضرب بذلك المخراف. وروي عن علي : أو سوط نور بيد الملك يزجرها به، قاله ابن عباس، أو ضرب ذلك السوط، قاله ابن الأنباري وعزاه إلى ابن عباس. وروي نحوه عن مجاهد : أو ملك يتراءى. وروي عن ابن عباس أو الماء، قاله قوم منهم أبو الجلد جيلان بن فروة البصري، أو تلألؤ الماء، حكاه ابن فارس، أو نار تنقدح من اصطكاك أجرام السحاب، قاله بعضهم. والذي يفهم من اللغة : أن الرعد عبارة عن هذا الصوت المزعج المسموع من جهة السماء، وأن البرق هو الجرم اللطيف النوراني الذي يشاهد ولا يثبت.
﴿يَجْعَلُونَ أَصَـابِعَهُمْ فِى ءَاذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِا وَاللَّهُ مُحِيطُا بِالْكَـافِرِينَ﴾ جعل : يكون بمعنى خلق أو بمعنى ألقى فيتعدى لواحد، وبمعنى صبر أو سمى فيتعدى لاثنين، وللشروع في الفعل فتكون من أفعال المقاربة، تدخل على المبتدأ والخبر بالشروط المذكورة في بابها. الأصبع : مدلولها مفهوم، وهي مؤنثة، وذكروا فيها تسع لغات وهي : الفتح للهمزة، وضمها، وكسرها مع كل من ذلك للباء. وحكوا عاشرة وهي : أصبوع، بضمها، وبعد الباء واو. وجميع أسماء الأصابع مؤنثة إلا الإبهام، فإن بعض بني أسد يقولون : هذا إبهام، والتأنيث أجود، وعليه العرب غير من ذكر. الأذن : مدلولها مفهوم، وهي مؤنثة، كذلك تلحقها التاء في التصغير قالوا : أذينة، ولا تلحق في العدد، قالوا : ثلاث آذان، قال أبو ثروان في أحجية له :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٨٣
ما ذو ثلاث آذانيسبق الخيل بالرديان
يريد السهم وآذانه وقذذه. الصاعقة : الوقعة الشديدة من صوت الرعد معها قطعة من نار تسقط مع صوت الرعد، قالوا : تنقدح من السحاب إذا اصطكت أجرامه، وهي نار لطيفة حديدة لا تمر بشيء إلا أتت عليه، وهي مع حدتها سريعة الخمود، ويهلك الله بها من يشاء. قال لبيد يرثي أخاه أربد، وكان ممن أحرقته الصاعقة :
فجعني البرق والصواعق بالفارس يوم الكريهة النجد
ويشبه بالمقتول بها من مات سريعاً، قال علقمة بن عبدة :
كأنهم صابت عليهم سحابةصواعقها لطيرهن دبيب
وروى الخليل عن قوم من العرب : الساعقة بالسين، وقال النقاش : صاعقة وصعقة وصاقعة بمعنى واحد. قال أبو عمرو : الصاقعة لغة بني تميم، قال الشاعر :
ألم تر أن المجرمين أصابهمصواقع لا بل هن فوق الصواقع
وقال أبو النجم :
يحلون بالمقصورة القواطعتشقق البروق بالصواقع
فإذا كان ذلك لغة، وقد حكوا تصريف الكلمة عليه، لم يكن من باب المقلوب خلافاً لمن ذهب إلى ذلك، ونقل القلب عن جمهور أهل اللغة. ويقال : صعقته وأصعقته الصاعقة، إذا أهلكته، فصعق : أي هلك. والصاعقة أيضاً العذاب على أي حال كان، قاله ابن عرفة، والصاعقة والصاقعة : إما أن تكون صفة لصوت الرعد أو للرعد، فتكون التاء للمبالغة نحو : راوية وإما أن تكون مصدراً، كما قالوا في الكاذبة. الحذر، والفزع، والفرق، والجزع، والخوف : نظائر الموت، عرض يعقب الحياة. وقيل : فساد بنية الحيوان، وقيل : زوال الحياة. الإحاطة : حصر الشيء بالمنع له من كل جهة، والثلاثي منه متعد، قالوا : حاطه، يحوطه، حوطاً.
أو كصيب : معطوف على قوله :﴿كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ﴾، وحذف مضافان، إذ التقدير : أو : كمثل ذوي صيب، نحو قوله تعالى :﴿كَالَّذِى يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾، أي كدوران عين الذي
٨٤


الصفحة التالية
Icon