٢٥
الصيام والصوم مصدران لصامَ، والعرب تسمي كل ممسك صائماً، ومنه الصوم في الكلام ﴿إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـانِ صَوْمًا﴾ أي سكوتاً في الكلام، وصامت الريح : أمسكت عن الهبوب، والدابة : أمسكت عن الأكل والجري، وقال النابغة الذبياني :
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٥
خيل صيام وخيل غير صائمهتحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
أي : ممسكة عن الجري. وتسمى الدابة التي لا تدور : الصائمة، قال الراجز.
والبكرات شرهن الصائمة
وقالوا : صام النهار : ثبت حره في وقت الظهيرة واشتد، وقال.
ذمول إذا صام النهار وهجرا
وقال :
حتى إذا صام النهار واعتدلومال للشمس لعابٌ فنزل
ومصام النجوم، إمساكها عن اليسير ومنه.
كأن الثريا علقت في مصامها
فهذا مدلول الصوم من اللغة. وأما الحقيقة الشرعية فهو : إمساك عن أشياء مخصوصة في وقت مخصوص ويبين في الفقه. الطاقة، والطوق : القدرة والاستطاعة، ويقال : طاق وأطاق كذا، أي : استطاعه وقدر عليه، قال أبو ذئب.
فقلت له اجمل فوق طوقك إنهامطبعة من يأتها لا يضيرها
الشهر مصدر : شهر الشيء يشهره، أظهره ومنه الشهرة، وبه سمي الشهر، وهو : المدة الزمانية التي يكون مبدأ الهلال فيها خافياً إلى أن يستسر، ثم يطلع خافياً. سمي بذلك لشهرته في حاجة الناس إليه في المعاملات وغيرها من أمورهم وقال الزجاج : الشهر الهلال. قال :
والشهر مثل قلامة الظفر
سمي بذلك لبيانه، وقيل : سمي الشهر شهراً باسم الهلال إذا أهل سمي شهراً، وتقول العرب : رأيت الشهر أي : هلاله. قال ذو الرمة (شعراً).
ترى الشهر قبل الناس وهو نحيل
ويقال : أشهرنا، أي : أتى علينا شهر، وقال الفراء : لم أسمع منه فعلاً إلاَّ هذا، وقال الثعلبي : يقال شَهَرَ الهلال إذا طلع، ويجمع الشهر قلة على : أفعل، وكثرة على : فعول، وهما مقيسان فيه.
رمضان علم على شهر الصوم، وهو علم جنس، ويجمع على : رمضانات وأرمضة، وعلقة هذا الاسم من مدة كان فيها في الرمضى، وهو : شدة الحرة، كما سمي الشهر ربيعاً من مدّة الربيع، وجمادى من مدّة الجمود، ويقال : رمض الصائم يرمض : احترق جوفه من شدة العطش، ورمضت الفِصال : أحرق الرمضاء أخفافها فبركت من شدّة الحر، وانزوت إلى ظلّ أمهاتها، ويقال : أرمضته الرمضاء : أحرقته، وأرمضني الأمر.
وقيل : سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب، أي : يحرقها بالأعمال الصالحة، وقيل : لأن القلوب تحترق من الموعظة فيه والفكرة في أمر الآخرة، وقيل : من رمضت النصل : رققته بين حجرين ليرق، ومنه : نصل رميض ومرموض، عن ابن السكيت. وكانوا يرمضون أسلحتهم في هذا الشهر ليحاربوا بها في شوّال قبل دخول الأشهر الحرام، وكان هذا الشهر في الجاهلية يسمى : ناتقاً أنشد المفضل.
وفي ناتق أجلت لدى حومة الوغىوولت على الأدبار فرسان خثعما
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٢٥
وقال الزمخشري : الرمضان، مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء. انتهى. ويحتاج في تحقيق أنه مصدر إلى صحة نقل لأن فعلاناً ليس مصدر اللازم بل، إن جاء فيه ذلك كان شاذاً، والأولى أن يكون مرتجلاً منقولاً.
وقيل : هو مشتق من الرمض، وهو مطر يأتي قبل الخريف يطهر الأرض من الغبار.
القرآن : مصدر قرأ قرآنا. قال حسان، رضي الله عنه :
محوا باسمك عنوان السجود بهيقطّع الليل تسبيحاً وقرآناً
أي : وقراءة وأطلق على ما بين الدفتين من كلام الله عزّ وجلّ، وصار علماً على ذلك، وهو من إطلاق المصدر على اسم المفعول في الأصل، ومعنى : قرآن، بالهمز : الجمع لأنه يجمع السور، كما قيل في القرء، وهو :
٢٦
إجماع الدّم في الرحم أولاً، لأن القارىء يلقيه عند القراءة من قول العرب : ما قرأت هذه الناقة سلا قط : أي : ما رمت به، ومن لم يهمز فالأظهر أن يكون ذلك من باب النقل والحذف، أو تكون النون أصلية من : قرنت الشيء إلى الشيء : ضممته، لأن ما فيه من السور والآيات والحروف مقترن بعضها إلى بعض. أو لأن ما فيه من الحكم والشرائع كذلك، أو ما فيه من الدلائل ومن القرائن، لأن آياته يصدّق بعضها بعضاً، ومن زعم من : قريت الماء في الحوض، أي : جمعته، فقوله فاسد لاختلاف المادتين.
السفر : مأخوذ من قولهم : سفرت المرأة إذا ألقت خمارها، والمصدر السفور. قال الشاعر.
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعتفقد رابني منها الغداة سفورها
وتقول : سفر الرجل ألقى عمامته، وأسفر الوجه، والصبح أضاء الأزهري سمي مسافراً لكشف قناع الكنّ عن وجهه، وبروزه للأرض الفضاء، والسفْر، بسكون الفاء : المسافرون، وهو اسم جمع : كالصحْب والركْب، والسفر من الكتب : واحد الأسفار لأنه يكشف عما تضمنة.
اليسر : السهولة، يسَّر : سهّل، ويسُر : سهُل، وأيسر : استغنى، ويسر، من الميسر، وهو : قمار، معروف. وقال علقمة :.
لا ييسرون بخيل قد يسرت بهاوكل ما يسر الأقوام مغروم
وسميت اليد اليسرى تفاؤلاً، أو لأنه يسهل بها الأمر لمعاونتها اليمنى.
العسر : الصعوبة والضيق، ومنه أعسر اعساراً، وذو عسرة، أي : ضيق.
الإ كمال : الإتمام.