ويقال منه : قنطر الرجل إذا كان عنده قناطير، أو قنطار من المال وقال الزجاج : هو مأخوذ من : قنطرت الشيء، عقدته وأحكمته، ومنه سميت القنطرة لإحكامها وقيل : قنطرته : عبيته شيئاً على شيء، ومنه سمي القنطرة. فشبه المال الكثير الذي يعبى بعضه على بعض بالقنطرة.
الذهب : معروف، وهو مؤنث يجمع على ذهاب وذهوب. وقيل : الذهب جمع ذهبية.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩١
والفضة : معروفة، وجمعها قضض، فالذهب مشتق من الذهاب، والفضة من انفض الشيء : تفرق، ومنه : فضضت القوم.
الخيل : جمع لا واحد له من لفظه، بل واحدة : فرس. وقيل : واحده خايل، كراكب وركب، قاله أبو عبيدة. سميت بذلك لاختيالها في مشيها. وقيل : اشتقاقه من التخيل، لأنه يتخيل في صورة من هو أعظم منه. وقيل : الاختيال مأخوذ من التخيل.
النعم : الإبل فقط، قال الفراء : وهو مذكر ولا يؤنث، يقولون هذا نعم وارد. وقال الهروي : النعم، يذكر ويؤنث، وإذا جمع انطلق على الإبل والبقر والغنم. وقال ابن قتيبة : الأنعام : الإبل والبقر والغنم، واحدها نعم، وهو جمع لا واحد له من لفظه، وسميت بذلك لنعومة مسها وهو لينها، ومنه : الناعم، والنعامة، والنعامي الجنوب، سميت بذلك للين هبوبها.
المآب : مفعل من آب يؤوب إياباً. أي : رجع، يكون للمصدر والمكان والزمان.
﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَا وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ سبب نزولها أن يهود بني قينقاع قالوا بعد وقعة بدر، إن قريشاً كانوا أغماراً، ولو حاربتنا لرأيت رجالاً. وقيل : نزلت في قريش قبل بدر بسنتين، فحقق الله تعالى ذلك وقيل : لما غلب قريشاً ببدر، قالت اليهود : هو النبي المبعوث الذي في كتابنا، لا تهزم له راية. فقالت لهم شياطينهم : لا تعجلوا حتى نرى أمره في وقعة أخرى. فلما كانت أحد كفروا جميعهم، وقالوا : ليس بالنبي المنصور.
وقيل : في أبي سفيان وقومه، جمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد بدر، فنزلت. ولما أخبر تعالى قيل :﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلَـادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْـاًا وَأُوالَئاِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ﴾ ناسب ذلك الوعد الصادق اتباعه هذا الوعد الصادق، وهو كالتوكيد لما قبله، فالغلبة تحصل بعدم انتفاعهم بالأموال والأولاد، والحشر لجهنم مبدأ كونهم يكونون لها وقوداً.
وقرأ حمزة، والكسائي : سيغلبون ويحشرون، بالياء على الغيبة وقرأ باقي السبعة : بالتاء، خطاباً، فتكون الجملة معمولاً للقول. ومن قرأ بالياء فالظاهر أن الضمير : للذين كفروا، وتكون الجملة إذ ذاك ليست محكية بقل، بل محكية بقول آخر، التقدير : قل لهم قولي سيغلبون، وإخباري أنه يقع عليهم الغلبة والهزيمة. كما قال تعالى :﴿قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ﴾ فبالتاء أخبرهم بمعنى ما أخبر به من أنهم سيغلبون، وبالياء أخبرهم باللفظ
٣٩٢
الذي أخبر به أنهم سيغلبون، وأجاز بعضهم، وهو : الفراء، وأحمد بن يحيى، وأورده ابن عطية، إحتمالاً أن يعود الضمير في : سيغلبون، في قراءة التاء على قريش، أي : قل لليهود ستغلب قريش، وفيه بُعْدٌ.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٩١
والظاهر أن : الذين كفروا، يعم الفريقين المشركين واليهود، وكل قد غلب بالسيف، والجزية، والذلة، وظهور الدلائل والحجج، وإلى معناها الغاية، وإن جهنم منتهى حشرهم، وأبعد من ذهب إلى أن : إلى، في معنى : في، فيكون المعنى : إنهم يجمعون في جهنم وبئس المهاد، يحتمل أن يكون من جملة المقول، ويحتمل أن يكون استئناف كلام منه تعالى، قاله الراغب ؛ والمخصوص بالذم محذوف لدلالة ما قبله عليه، التقدير : وبئس المهاد جهنم. وكثيراً ما يحذف لفهم المعني، وهذا مما يستدل به لمذهب سيبويه : أنه مبتدأ والجملة التي قبله في موضع الخبر، إذ لو كان خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ محذوف الخبر للزم من ذلك حذف الجملة برأسها من غير أن يبقى ما يدل عليها، وذلك لا يجوز، لأن حذف المفرد أسهل من حذف الجملة. وأمّا من جعل : المهاد، ما مهدوا لأنفسهم، أي : بئسما مهدوا لأنفسهم، وكان المعنى عنده، و: بئس فعلهم الذي أداهم إلى جهنم، ففيه بُعْدٌ، ويروى عن مجاهد.
﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ﴾ قال في (ري الظمآن) : أجمع المفسرون على أنهها وقعة بدر، والخطاب للمؤمنين، قاله ابن مسعود، والحسن. فعلى هذا معنى الآية تثبيت النفوس وتشجيعها، لأنه لما أمر أن يقول للكفار ما قال، أمكن أن يستبعد ذلك المنافقون وبعض ضعفة المؤمنين، كما قال : من قال يوم الخندق : يعدنا محمد أموال كسرى وقيصر ونحن لا نأمن على النساء في المذهب، وكما قال عدي بن حاتم، حين أخبره النبي صلى الله عليه وسلّم بالأمنة التي تأتي، فقلت في نفسي : فأين دعار طيء الذين سعروا البلاد ؟ الحديث بكماله.