الغراب : طائر معروف ويجمع في القلة على أغربة، وفي الكثرة على غربان. وغراب اسم جنس وأسماء الأجناس إذا وقعت على مسمياتها من غير أن تكون منقولة من شيء، فإن وجد فيها ما يمكن اشتقاقه حمل على أنه مشتق، إلا أنَّ ذلك قليل جدّاً، بل الأكثر أن تكون غير مشتقة نحو : تراب، وحجر، وماء. ويمكن غراب أن يكون مأخوذاً من الاغتراب، فإن العرب تتشاءم به وتزعم أنه دال على الفراق. وقال حران العود :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥٩
وأما الغراب فالغريب المطوّح. وقال الشنفري :
غراب لاغتراب من النوىوبالباذين من حبيب تعاشره
البحث في الأرض نبش التراب وإثارته، ومنه سميت براءة بحوث. وفي المثل : لا تكن كالباحث عن
٤٥٩
الشفرة. السوأة : العورة. العجز : عدم الإطاقة، وماضيه على فعل بفتح العين، وهي اللغة الفاشية. وحكى الكسائي فيه : فعل بكسر العين. الندم : التحسر يقال منه : ندم يندم. الصلب معروف وهو إصابة صلبة بجذع، أو حائط كما تقول : عانه أي أصاب عينه، وكيده أصاب كيده. الخلاف : المخالفة، ويقال : فرس به شكال من خلاف إذا كان في يده. نفاة : طرده فانتفى، وقد لا يتعدّى نفي. قال القطامي : فأصبح جاراكم قتيلاً ونافيا. أي منفيا.
الوسيلة الواسلة ما يتقرب منه. يقال : وسله وتوسل إليه، واستعيرت الوسيلة لما يتقرب به إلى الله تعالى من فعل الطاعات. وقال لبيد :
أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهمألا كل ذي لب إلى الله واسل
وأنشد الطبري :
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا
وعاد التصابي بيننا والوسائل
السارق اسم فاعل من سرق يسرق سرقاً والسرق والسرقة الاسم كذا قال بعضهم وربما قالوا سرقة مالاً. قال ابن عرفة السارق عند العرب من جاء مستتراً إلى حرز فأخذ منه ما ليس له. ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَىْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الاخَرِ﴾ مناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه تعالى لما ذكر تمرّد بني إسرائيل وعصيانهم، أمر الله تعالى في النهوض لقتال الجبارين، ذكر قصة ابني آدم وعصيان قابيل أمر الله، وأنهم اقتفوا في العصيان أول عاص لله تعالى، وأنهم انتهوا في خور الطبيعة وهلع النفوس والجبن والفزع إلى غاية بحيث قالوا لنبيهم الذ ظهرت على يديه خوارق عظيمة، وقد أخبرهم أن الله كتب لهم الأرض المقدسة :﴿فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَـاتِلا إِنَّا هَـاهُنَا قَـاعِدُونَ﴾ وانتهى قابيل إلى طرف نقيض منهم من الجسارة والعتوّ وقوة النفس وعدم المبالاة بأن أقدم على أعظم الأمور وأكبر المعاصي بعد الشرك وهو قتل النفس التي حرم الله قتلها، بحيث كان أول من سنّ القتل، وكان عليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم القيامة، فاشتبهت القصتان من حيث الجبن عن القتل والإقدام عليه، ومن حيث المعصية بهما. وأيضاً فتقدم قوله أوائل الآيات ﴿إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ وبعده ﴿قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَـابِ﴾ وقوله :﴿نَحْنُ أَبْنَـا ؤُا اللَّهِ وَأَحِبَّـا ؤُهُا﴾ ثم قصة محاربة الجبارين، وتبين أنّ عدم اتباع بني إسرائيل محمداً صلى الله عليه وسلّم إنما سببه الحسد هذا مع علمهم بصدقه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥٩
وقصة ابني آدم انطوت على مجموع هذه الآيات من بسط اليد، ومن الأخبار بالمغيب، ومن عدم الانتفاع بالقرب، ودعواه مع المعصية، ومن القتل، ومن الحسد. ومعنى واتل عليهم : أي اقرأ واسرد، والضمير في عليهم ظاهره أنه يعود على بني إسرائيل إذ هم المحدث عنهم أولاً، والمقام عليهم الحجج بسبب همهم ببسط أيديهم إلى الرسول. والمؤمنين فاعلموا بما هو في غامض كتبهم الأول التي لا تعلق للرسول بها إلا من جهة الوحي، لتقوم الحجة بذلك عليهم، إذ ذلك من دلائل النبوّة. والنبأ : هو الخبر. وابنا آدم في قول الجمهور عمر، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وغيرهما : هما قابيل وهابيل، وهما ابناه لصلبه. وقال الحسن : لم يكونا ولديه لصلبه، وإنما هما أخوان من بني إسرائيل. قال : لأن القربان إنما كان مشروعاً في بني إسرائيل، ولم يكن قبل، ووهم الحسن في ذلك. وقيل عليه كيف يجهل الدفن في بني إسرائيل حتى يقتدى فيه بالغراب ؟ وأيضاً فقد قال الرسول عنه :"إنه أول من سن القتل"
٤٦٠
وقد كان القتل قبل في بني إسرائيل.
ويحتمل قوله : بالحق، أن يكون حالاً من الضمير في : واتل أي : مصحوباً بالحق، وهو الصدق الذي لا شك في صحته، أو في موضع الصفة لمصدر محذوف أي : تلاوة ملتبسة بالحق، والعامل في إذ نبأ أي حديثهما وقصتهما في ذلك الوقت. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون بدلاً من النبأ أي : اتل عليهم النبأ نبأ ذلك الوقت على تقدير حذف المضاف انتهى. ولا يجوز ما ذكر، لأن إذ لا يضاف إليها إلا الزمان، ونبأ ليس بزمان.