ابن الأنباري الكاف ليست من حروف القسم انتهى. وفيه أيضاً أن جواب القسم بالمضارع المثبت جاء بغير لام ولا نون توكيد ولا بدّ منهما في مثل هذا على مذهب البصريين أو من معاقبة أحدهما الآخر على مذهب الكوفيين، أما خلوّه عنهما أو أحدهما فهو قول مخالف لما أجمع عليه الكوفيون والبصريون، القول الثاني أن الكاف بمعنى إذ وما زائدة تقديره أذكر إذ أخرجك وهذا ضعيف لأنه لم يثبت أن الكاف تكون بمعنى إذ في لسان العرب ولم يثبت أن ما تزاد بعد هذا غير الشرطيّة وكذلك لا تزاد ما ادعى أنه بمعناها، القول الثالث الكاف بمعنى على وما بمعنى الذي تقديره امض على الذي أخرجك ربك من بيتك وهذا ضعيف لأنه لم يثبت أنّ الكاف تكون بمعنى على ولأنه يحتاج الموصول إلى عائد وهو لا يجوز أن يحذف في مثل هذا التركيب، القول الرابع قال عكرمة : التقدير وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين كما أخرجك في الطاعة خير لكم كما كان إخراجك خيراً لهم، القول الخامس قال الكسائي وغيره كما أخرجك ربك من بيتك على كراهة من فريق منهم كذلك يجادلونك في قتال كفار مكة ويودّون غير ذات الشوكة من بعدما تبين لهم أنك
٤٦٠
إنما تفعل ما أمرت به لا ما يريدون، قال ابن عطية والتقدير على هذا التأويل يجادلونك في الحق مجادلةً لكراهتهم إخراج ربك إياك من بيتك فالمجادلة على هذا التأويل بمثابة الكراهة وكذا وقع التشبيه في المعنى وقائل هذا المقالة يقول إنّ المجادلين هم المشركون، القول السادس قال الفراء : التقدير امض لأمرك في الغنائم ونفل من شئت إن كرهوا كما أخرجك ربك انتهى. قال ابن عطية : والعبارة بقوله إمضِ لأمرك ونفل من شئت غير محرّرة وتحرير هذا المعنى عندي أن يقال هذه الكاف شبهت هذه القصة التي هي إخراجه من بيته بالقصة المتقدمة التي هي سؤالهم عن الأنفال كأنهم سألوا عن النفل وتشاجروا فأخرج الله ذلك عنهم فكانت هذه الخيرة كما كرهوا في هذه القصة انبعاث النبي صلى الله عليه وسلّم بإخراجه الله من بيته فكانت في ذلك الخيرة وتشاجرهم في النفل بمثابة كراهيتهم ههنا الخروج، وحكم الله في النفل بأنه لله والرسول فهو بمثابة إخراجه نبيه صلى الله عليه وسلّم من بيته ثم كانت الخيرة في القصتين مما صنع الله وعلى هذا التأويل يمكن أن يكون قوله يجادلونك كلاماً مستأنفاً يراد به الكفار أي يجادلونك في شريعة الإسلام من بعدما تبين الحقّ
٤٦١
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٤


الصفحة التالية
Icon