ما شرطية منصوبة بغنمتم واسم أن ضمير الشأن محذوف تقديره أنه وحذف هذا الضمير مع أنّ المشددة مخصوص عند سيبويه بالشعر، وروى الجعفي عن هارون عن أبي عمرو فإن لله بكسر الهمزة، وحكاها ابن عطية عن الجعفي عن أبي بكر عن عاصم، ويقوّي هذه القراءة قراءة النخعي فلله خمسه، وقرأ الحسن وعبد لوارث عن أبي عمرو : خمسه بسكون الميم، وقرأ النخعي خمسه بكسر الخاء على الاتباع يعني اتباع حركة الخاء لحركة ما قبلها كقراءة من قرأ ﴿وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ بكسر الحاء اتباعاً لحركة التاء ولم يعتد بالساكن لأنه ساكن غير حصين، وانظر إلى حسن هذا التركيب كيف أفرد كينونة الخمس لله وفصل بين اسمه تعالى وبين المعاطيف بقوله خمسه ليظهر استبداده تعالى بكينونة الخمس له ثم أشرك المعاطيف معه على سيل التبعية له ولم يأتِ التركيب فإن لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل خمسه، وجواب الشرط محذوف أي إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أن الخمس من الغنيمة يجب التقرّب به ولا يراد مجرد العلم بل العلم والعمل بمقتضاه ولذلك قدّر بعضهم إن كنتم آمنتم بالله فاقبلوا ما أمرتم به في الغنائم وأبعد من ذهب إلى أن الشرط متعلق معناه بقوله فنعم المولى ونعم النصير والتقدير فاعلموا أنّ الله مولاكم وما أنزلنا معطوف على بالله، ويوم الفرقان يوم بدر بلا خلاف فرق فيه بين الحق والباطل والجمعان جمع المؤمنين وجمع الكافرين قتل فيها صناديد قريش نصّ عليه ابن عباس ومجاهد ومقسم والحسن وقتادة وكانت يوم الجمعة سابع عشر رمضان في السنة الثانية من الهجرة هذا قول الجمهور، وقال أبو صالح لتسعة عشر يوماً والمنزل : الآيات والملائكة والنصر وختم بصفة القدرة لأنه تعالى أدال المؤمنين على قلتهم على الكافرين على كثرتهم ذلك اليوم، وقرأ زيد بن علي عبدنا بضمتين كقراءة من قرأ وعبد الطاغوت بضمتين فعلى عبدنا هو الرسول صلى الله عليه وسلّم وعلى عبدنا هو الرسول ومن معه من المؤمنين وانتصاب يوم الفرقان على أنه ظرف معمول لقوله وما أنزلنا، وقال الزجاج ويحتمل أن ينتصب بغنمتم أي إنّ ما غنمتم يوم الفرقان يوم التقى الجمعان فإن خمسه لكذا وكذا، أي كنتم آمنتم بالله أي فانقادوا لذلك وسلّموا، قال ابن عطية : وهذا تأويل حسن في المعنى ويعترض فيه الفضل بين الظرف وبين ما تعلقه به بهذه الجملة الكثيرة من الكلام انتهى، ولا يجوز ما قاله الزجاج لأنه إن كانت ما شرطية على تخريج الفرّاء لزم فيه الفصل بين فعل الشرط ومعموله بجملة الجزاء ومتعلقاتها وإن كانت موصولة فلا يجوز الفصل بين فعل الصلة ومعموله بخبر أنّ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٩٥
﴿إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾ العدوة شطّ الوادي وتسمي شفيراً وضفّة سميت بذلك لأنها عدت ما في الوادي من ماء أن يتجاوزه أي منعته. وقال الشاعر :
عدتني عن زيارتها العواديوقالت دونها حرب زبون
وتسمى الفضاء المساير للوادي عدوة للمجاورة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالعدوة بكسر العين فيهما وباقي السبعة بالضم والحسن وقتادة وزيد بن علي وعمرو بن عبيد بالفتح وأنكر أبو عمر والضم، وقال الأخفش لم يسمع من العرب إلاّ الكسر، وقال أبو عبيد الضمّ أكثرهما، وقال اليزيدي الكسر لغة الحجاز انتهى، فيحتمل أن تكون الثلاث لغى ويحتمل أن يكون الفتح مصدراً سمي به وروي بالكسر والضمّ بيت أوس :
وفارس لم يحلّ اليوم عدوتهولو إسراعاً وما هموا بإقبال
٤٩٩


الصفحة التالية
Icon