﴿وَلا يُطْعَمُ﴾ بفتح الياء والمعنى أنه تعالى منزه عن الأكل ولا يشبه المخلوقين. وقرأ يمان العماني وابن أبي عبلة ﴿وَلا يُطْعَمُ﴾ بضم الياء وكسر العين مثل الأول فالضمير في ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ﴾ عائد على الله وفي ﴿وَلا يُطْعَمُ﴾ عائد على الولي. وروى ابن المأمون عن يعقوب ﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ﴾ على بناء الأول للمفعول والثاني للفاعل والضمير لغير الله، وقرأ الأشهب :﴿وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ﴾ على بنانهما للفاعل وفسر بأن معناه وهو يطعم ولا يستطعم، وحكى الأزهري أطعمت بمعنى استطعمت. قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى وهو يطعم تارة ولا يطعم أخرى على حسب المصالح، كقولك هو يعطي ويمنع ويبسط ويقدر ويغني ويفقر، وفي قراءة من قرأ باختلاف الفعلين تجنيس التشكيل وهو أن يكون الشكل فرقاً بين الكلمتين وسماه أسامة بن منقذ في بديعته تجنيس التحريف، وهو بتجنيس التشكيل أولى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٨٤
﴿قُلْ إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ قال الزمخشري : لأن النبيّ سابق أمته في الإسلام كقوله ﴿وَبِذَالِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ وكقول موسى ﴿سُبْحَـانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال ابن عطية : المعنى أوّل من أسلم من هذه الأمّة وبهذه الشريعة، ولا يتضمن من الكلام إلا ذلك وهذا الذي قاله الزمخشري وابن عطية هو قول الحسن. قال الحسن : معناه أول من أسلم من أمتي. قيل : وفي هذا القول نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يصدر منه امتناع عن الحق وعدم انقياد إليه، وإنما هذا على طريق التعريض على الإسلام كما يأمر الملك رعيته بأمر ثم يتبعه بقوله أنا أول من يفعل ذلك ليحملهم على فعل ذلك. وقيل : أراد الأوّلية في الرتبة والفضيلة كما جاء نحن الآخرون الأوّلون وفي رواية السابقون. وقيل :﴿أَسْلَمَ﴾ أخلص ولم يعدل بالله شيئاً. وقيل : استسلم. وقيل : أراد دخوله في دين إبراهيم عليه السلام كقوله : ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل. وقيل : أول من أسلم يوم الميثاق فيكون سابقاً على الخلق كلهم، كما قال : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح.
﴿وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ }أي وقيل لي والمعنى أنه أمر بالإسلام ونهى عن الشرك، هكذا خرجه الزمخشري وابن عطية على إضمار. وقيل لي : لأنه لا ينتظم عطفه على لفظ أي وقيل لي والمعنى أنه أمر بالإسلام ونهى عن الشرك، هكذا خرجه الزمخشري وابن عطية على إضمار. وقيل لي : لأنه لا ينتظم عطفه على لفظ ﴿إِنِّى أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ﴾ فيكون مندرجاً تحت لفظ ﴿قُلْ﴾ إذ لو كان كذلك لكان التركيب ولا أكون من المشركين. وقيل : هو معطوف على معمول ﴿قُلْ﴾ حملاً على المعنى، والمعنى ﴿قُلْ إِنِّى ﴾ قيل لي كن ﴿أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَا وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ فهما جميعاً محمولان على القول لكن أتى الأول بغير لفظ القول، وفيه معناه فحمل الثاني على المعنى وقيل هو معطوف على ﴿قُلْ﴾ أمر بأن يقول كذا ونهى عن كذا. وقيل : هو نهى عن موالاة المشركين. وقيل : الخطاب له لفظاً والمراد أمته وهذا هو الظاهر لقوله ﴿لَـاِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ والعصمة تنافي إمكان الشرك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٨٤
﴿قُلْ إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ }الظاهر أن الخوف هنا على بابه وهو توقع المكروه. وقال ابن عباس معنى الظاهر أن الخوف هنا على بابه وهو توقع المكروه. وقال ابن عباس معنى ﴿أَخَافُ﴾ أعلم و﴿عَصَيْتُ﴾ عامّة في أنواع المعاصي، ولكنها هنا إنما تشير إلى الشرك الذي نهى عنه قاله ابن عطية. والخوف ليس بحاصل لعصمته بل هو معلق بشرط هو ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلّم وجوابه محذوف ولذلك جاء بصيغة الماضي. فقيل : هو شرط معترض لا موضع له من الإعراب كالاعتراض بالقسم. وقيل : هو في موضع نصب على الحال كأنه قيل إني أخاف عاصياً ربي. وقال أبو عبد الله الرازي : مثال الآية إن كانت الخمسة زوجاً كانت منقسمة متساويتين يعني أنه تعليق على مستحيل واليوم العظيم هو يوم القيامة.
﴿مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يومئذ فَقَدْ رَحِمَهُا﴾ قرأ حمزة وأبو بكر والكسائي ﴿مَّن يُصْرَفْ﴾ مبنياً للفاعل فمن مفعول مقدم والضمير في ﴿يُصْرَفْ﴾ عائد على الله ويؤيده قراءة أبي ﴿مَّن يُصْرَفْ﴾ الله وفي ﴿عَنْهُ﴾ عائد على العذاب والضمير المستكن
٨٦


الصفحة التالية
Icon