محذوفة على أنه مفعول به قاله ابن عطية وأبو البقاء. وقيل : المحذوف متأخر تقديره ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ﴾ كان كيت وكيت فترك ليبقى على الإبهام الذي هو أدخل في التخويف قاله الزمخشري. وقيل : العامل انظر كيف كذبوا يوم نحشرهم. وقيل : هو مفعول به لمحذوف تقديره وليحذروا يوم نحشرهم. وقيل : هو معطوف على ظرف محذوف، والعامل فيه العامل في ذلك الظرف والتقدير أنه لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا ويوم نحشرهم قاله الطبري. وقرأ الجمهور ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ ثم نقول بالنون فيهما. وقرأ حميد ويعقوب فيهما بالياء. وقرأ أبو هريرة ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ بكسر الشين، والظاهر أن الضمير في ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ عائد على الذين افتروا على الله الكذب، أو كذبوا بآياته وجاء ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ بمعنى ثم نقول لهم ولكنه نبه على الوصف المترتب عليه توبيخهم ويحتمل أن يعود على الناس كلهم وهم مندرجون في هذا العموم ثم تفرد بالتوبيخ المشركون. وقيل : الضمير عائد على المشركين وأصنامهم ألا ترى إلى قولهم ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ من دون الله وعطف بـ للتراخي الحاصل بين مقامات يوم القيامة في المواقف، فإن فيه مواقف بين كل موقف وموقف تراخ على حسب طول ذلك اليوم، و﴿أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ﴾ سؤال توبيخ وتقريع وظاهر مدلول ﴿أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ﴾ غيبة الشركاء عنهم أي تلك الأصنام قد اضمحلت فلا وجود لها. وقال الزمخشري : ويجوز أن يشاهدوهم إلا أنهم حين لا ينفعونهم ولا يكون منهم ما رجوا من الشفاعة فكأنهم غيب عنهم وأن يحال بينهم وبينهم في وقت التوبيخ ليفقدوهم في الساعة التي علقوا بهم الرجاء فيها فيرو إمكان خزيهم وحسرتهم، انتهى. والمعنى أين آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله ؟ وأضيف الشركاء إليهم لأنه لا شركة في الحقيقة بين الأصنام وبين شيء، وإنما أوقع عليها اسم الشريك بمجرد تسمية الكفرة فأضيفت إليهم بهذه النسبة والزعم القول الأميل إلى الباطل والكذب في أكثر الكلام، ولذلك قال ابن عباس : كل زعم في القرآن فهو بمعنى الكذب وإنما خص القرآن لأنه ينطلق على مجرد الذكر والقول ومنه قول الشاعر :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٨٤
تقول هلكنا وإن هلكت وإنماعلى الله أرزاق العباد كما زعم
وقال ابن عطية : وعلى هذا الحد يقول سيبوية : بزعم الخليل ولكن ذلك يستعمل في الشيء الغريب الذي تبقى عهدته على قائله ؛ انتهى. وحذف مفعولاً ﴿يَزْعُمُونَ﴾ اختصاراً إذ دل ما قبله على حذفهما والتقدير تزعمونهم شركاء، ويحسن أن يكون التقدير كما قال بعضهم :﴿أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ إنها تشفع لكم عند الله عز وجل.
﴿ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلا أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ تقدم مدلول الفتنة وشرحت هنا بحب الشيء والإعجاب به كما تقول : فتنت بزيد فعلى هذا يكون المعنى، ثم لم يكن حبهم للأصنام وإعجابهم بها واتباعهم لها لما سئلوا عنها ووقفوا على عجزها إلا التبرؤ منها والإنكار لها، وفي هذا توبيخ لهم كما تقول لرجل كان يدّعي مودّة آخر ثم انحرف عنه وعاداه يا فلان لم تكن مودّتك لفلان إلا أن عاديته وباينته والمعنى على ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُن﴾ بمعنى مودّتهم وإعجابهم بالأصنام إلا البراءة منهم باليمين المؤكدة لبراءتهم، وتكون الفتنة واقعة في الدنيا وشرحت أيضاً بالاختبار والمعنى : ثم لم يكن اختبارنا إياهم إذ السؤال عن الشركاء وتوقيفهم اختبار لإنكارهم الإشراك
٩٤
وتكون الفتنة هنا واقعة في القيامة، أي : ثم لم يكن جواب اختبار نالهم بالسؤال عن شركائهم إلا إنكار التشريك ؛ انتهى، ملخصاً من كلام ابن عطية مع بعض زيادة. وقال الزمخشري :﴿فِتْنَتُهُمْ﴾ كفرهم والمعنى ثم لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم وقاتلوا عليه وافتخروا به، وقالوا : دين آبائنا إلا جحوده والتبرؤ منه والحلف على الانتفاء من التدين به، ويجوز أن يراد ثم لم يكن جوابهم إلا أن قالوا : فسمى فتنة لأنه كذب ؛ انتهى. والشرح الأول من شرح ابن عطية معناه للزجاج والأول من تفسير الزمخشري لفظه للحسن، ومعناه لابن عباس والثاني لمحمد بن كعب وغيره. قال : التقدير ثم لم يكن جوابهم ﴿إِلا أَن قَالُوا ﴾ وسمي هذا القول فتنة لكونه افتراءً وكذباً. وقال الضحاك : الفتنة هنا الإنكار أي ثم لم يكن إنكارهم. وقال قتادة : عذرهم. وقال أبو العالية : قولهم. وقال عطاء وأبو عبيدة : بينهم وزاد أبو عبيدة التي ألزمتهم الحجة وزادتهم لائمة. وقيل : حجتهم، والظاهر أن الضمير عائد على المشركين وأنه عام فيمن أشرك. وقال الحسن : هذا خاص بالمنافقين جروا على عادتهم في الدنيا، وقيل : هم قوم كانوا مشركين ولم يعلموا أنهم مشركون فيحلفون على اعتقادهم في الدنيا. وقرأ الجمهور
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٨٤


الصفحة التالية
Icon